التضحيةُ في معناها الإسلامي الأعمق

بأيّة حالٍ؟

    في ظلّ ظروف استثنائية بالغة الصعوبة تمرُّ بها أوطاننا الإسلامية، وفي ظلّ هذا التباعد الاجتماعي الذي فرضه علينا وباء كورونا، يأتي عيد الأضحى المبارك هذه السنة مصداقاً لتأوّه الشاعر(المتنبي) في قصيدته الشهيرة: “عيدٌ بأية حالٍ عدتَ يا عيدُ!”.

   يأتي العيد في ظلّ المأساة المطبقة في سوريا والعراق ولبنان، وفي ظل حروب وويلات يتعرَّض لها أهلنا في اليمن المظلوم، وفي فلسطين المحتلة التي لـمَّا تزلْ جرحنا المفتوح.

لكنْ وعلى الرغم من ذلك كلّه، يقف المسلم المؤمن حامداً لله شاكراً له عزَّ وجلَّ على كلّ حالٍ. وهذه الخصلة الفريدة، بل قل هذه النعمة الإلهية الكبيرة التي يتحلَّى بها المؤمن، تجعله قادراً على أن يفرح وأن يتفاعل مع الحياة ومع الأعياد، بغضّ النظر عن قسوة المعاش وصعوبة الظرف. وهذا ما وصفه الرسول الأعظم -صلى الله عليه وآله وسلم- أروعَ وصفٍ حين قال كما رُويَ عنه: (عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سرَّاءٌ شَكَر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضرَّّاء ٌصَبر، فكان خيراً له).

اليُسرُ رفيقُ العُسر:

———-

    وإننا على يقينٍ أساسهُ الثقةُ بالله، بأنّ الأمّة المؤمنة الصالحة سترى بعد كل هذا العسر يُسراً (فإنّ مع السرِ يُسرا.إنَّ مع العسرِ يُسرا) (ألشرح/5-6)، وبأن التغيير -الذي هو المعنى الأعمق للنصر- آتٍ آتٍ، وبأن الفرج قريب ( إنهم يرونه بعيداً ونراهُ قريبا)  ( المعارج/6). وهذا الوباء منكشف لا محالة -بحق هذا اليوم الذي جعله الله للمسلمين عيداً ولمحمَّد -صلى الله عليه وآله وسلم- ذخراً وشرفاً وكرامة ومزيداً.

    إنّه ليسَ أولَ (وباء) ولا آخرَ(ابتلاء)، نتعرّض له، وكما مرّت الابتلاءات السابقة، والأوبئة الأخرى، بالصبر، وبمزيد من الصلاح والقرب من الله، والتعويل على لطفه وعنايته، وبالعودة الى ساحته، وبالتواصل والتكافل بيننا، فستمرّ هذه الأزمة وإن طالت.

النظرةُ الى المستقبل:

————

      يقول تعالى في كتابه الكريم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون).(الحشر/18).

      والغدُ في المفهوم العمليّ والحركيّ للزمن، ليس اليوم التالي لليوم، بل هو ( المستقبل) بكل تشعّباته و تفريعاته. والعملُ للغد لا يعني بالمرّة إهمالَ اليوم أو الحاضر، خاصّةً وأنَّ الغد – في حقيقته – صناعةُ اليوم، فما نزرعُ اليومَ نحصدُهُ غدا، ومن هنا، فإنَّ الدعوة للعمل للمستقبل، تتضمن إصلاحَ وإبداع وتنمية الحاضر لضمان المستقبل. كما تنطوي تلك الدعوةُ على لفتة عرفانيّة مهمّة وهي أن الحال متحوّله، غير ثابتة ولا مستقرة، وأنَّ بالإمكان أن يكون الغدُ أفضلَ من اليوم، وهذا ما عناهُ الإمام الكاظم (ع) بقوله (( من تساوى يوماهُ فهو مغبون. ومن كان غدهُ أسوأ من يومه فهو ملعون. ومن كان غدُهُ(مستقبلُه) أفضلَ من يومه فهو مغبوط)) من الغبطة وهي الحسد الممدوح. وهو ما رمى اليه الدعاء أيضا (( واجعل غدي وما بعدَهُ أفضلَ من ساعتي ويومي)).

التقوى أقوى سلاح:

———–

     لذلك أوصيكم ونفسي بتقوى الله العليّ العظيم، وإنْ هيَ إلَّا وصيةُ ربّنا الدائمة لبني آدم (عليه السلام): (ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله) (النساء/131)، وهي أعظم وصية نوصي أنفسنا بها ونحن نستقبل عيد الأضحى المبارك؛ هذا العيد الذي يتمحور حول معنى التقوى والإخلاص لله. كما ككان إبراهيمُ (ع) تقوى وإخلاصا لله بكلّه، وكما كانت زوجته(هاجر) تقوى وإخلاصاً بكلّها، وكما كان إسماعيلُ(ع) ابنهما .،إخلاصا وتقوى لله بكلَّه.الأسرةُ الإبراهيَمية تتصَدرُ الواجهة َفي (عيد الأضحى) بوصفها الأسرةَ النموذج، والأسرة القدوة، والأسرة الأسوة الحسنة، كونها مثالَ الاخلاص والتقوى، وذلك ما يجب أن يستحضره الحاجُ في الديارِ المقدّسة، وما يتذكّره المؤمنُ في الديارِ البعيدة.

معنى التضحية:

——–

       كما يتمحور العيدُ  أيضا حول معنى التضحية والفداء؛ معنى أن يُضحّيَ الانسان في سبيل الله. والتضحيةُ هاهنا لا تكون –فقط- بكبش أو خروف نذبحه ونوزّعه على الفقراء،  وإن كان لذلك ثوابه الكبير في إطعام الجياع والفقراء والمساكين، والذين قد لا يذوقون طعم اللحم الا في المناسبات.

      ولا شك أن التضحية – بالمعنى المتقدم- هي أمر جيّد ومستحبّ، وهي في الحج واجبٌ شرعي، حيث يُستحبّ للمؤمن والمؤمنة إذا لم يذهبا الى الحج أن يُضحّيَ كلٌّ منهما بكبشٍ في حياته ولو لمرةٍ واحدة، كما تُستحبُّ التضحية في كل سنة في مثل هذا اليوم؛ يوم عيد الاضحى. ولدينا روايات عديدة أشارت الى هذا الاستحباب.

    لكنَّ  المعنى الأعمق  والأوسع للتضحية  هو أبعد من شيءٍ محدود وهو الكبش، فالتضخية – في مفهومها الإسلامي الشامل- إنما ترمز الى تضحيات وأُضحيات أعظم ينبغي أن تكون المدار الذي تدور حوله حياة الإنسان المؤمن المخلص كدليلٍ على تقواه وطاعته وإخلاصه لله رب العالمين، والسير على خطى نبي الله ابراهيم (عليه السلام) الذي أراد أن يُضحّيَ بولده إسماعيل في سبيل الله طاعةً وامتثالا وتسليماًً لأمر الله، ولم يكن المقصود  المباشر هو هذه التضحية وهذا الفعل  بمظهره الحسّي، بل بمدلوله الرمزيّ ، وبمدى استعداد ابراهيم (ع) للذهاب الى آخر الشوط في الإخلاص والطاعة لله.

      وهكذا كان الحال مع ولده إسماعيل (ع) الذي تذكر الآية الكريمة ردَّ فعله حين علم بأمر الله لوالده، حيث يقول سبحانه وتعالى: (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ).((الصافات/102).

       لقد كانت استجابة اسماعيل(ع) على هذا الأمر الإلهي هو النزول عنده بكل تسليم له! وهذا هو عين الإيمان والتقوى والاخلاص التام لله. لكن الله تعالى فدى إسماعيل (ع).

    وهكذا كان الحال –أيضاً- مع زوجة إبراهيم (أم اسماعيل)، وهي التي أنزلها ابراهيم (عليه السلام) بوادٍ غير ذي زرع عند بيته الحرام، لكنها كإنسانة عزيزة عليها نفسها ، وكزوجة عزيز عليها أن يفارقها زوجها في هذا المكان الموحش، وكأمّ عزيز عليها روح وليدها! ومع ذلك ضحَّت ببقائها في ذلك الوادي المقفر إخلاصاً وطاعة لله سبحانه وعبادة له! وهذا ما نستوحيه من قول إبراهيم (عليه السلام) في القرآن الكريم: (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) (إبراهيم/37). ليقيموا الصلاة، فهي نفسها التي كانت ستقوم بهذه المهمَّة المقدَّسة التي انتدبها الله للقيام بها بمحض إرادتها. فالعبادة والإقامة للصلاة لا تتمّ من خلال روح الإيمان الخالص لله سبحانه وتعالى طاعة لله سبحانه وتعالى.

تضحية المرأة الصالحة:

————–

      تنقل الروايات أن (هاجر) أمَّ إسماعيل (ع) حين تركها النبي إبراهيم (ع) في ذلك الوادي، تبعته ونادته: يا إبراهيم، أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء، هل أمركَ الله بهذا؟ قال: نعم. قالت: إذاً لا يضيعنا. ثمَّ رجعت، فانطلق إبراهيم (ع).

     هكذا هي المرأة والزوجة والأم المؤمنة حقاً؛ تنزل على أمر الله سبحانه وتعالى مهما كانت الظروف ومهما صعبت التضحيات، وهذا هو الإخلاص الحقيقي لله. ونعم المرأةُ التي هي عونٌ  لزوجها على طاعة الله، ونعمَ الزوجُ الذي هو عونٌ لزوجته على طاعةِ الله، ونعمَ الولدُ الذي هو عونٌ لأمّه وأبيه في طاعة الله. هكذا تكونُ الأسرةُ بكلّها طاعة موصولة لله تبارك وتعالى.وتلك هي الحياةُ الطيّبةُ السعيدة.

   وهكذا هي حال الإنسان المؤمن الذي لا يعقل أن يكون مؤمناً حقاً إلا بالطاعة الكاملة لأحكام الله في كل نزاعاته وأموره في الحياة، يقول سبحانه وتعالى: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).(النساء/65).

  هنا يُقسم تعالى بنفسه الكريمة المقدّسة بأنه لا يؤمن أحدٌ حتى يحكّم الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- في جميع الأمور، وحتى يحكم شرع الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم-، لأنّ حكم الشرع هو الحق الذي يجب الانقياد له باطناً وظاهراً، ولهذا قال سبحانه: (ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، بمعنى أنهم إذا حكّموك وحكّموا شرع الله،فإنما يطيعونك في بواطنهم فلا يجدون في أنفسهم حرجاً مما حكمت به أو حكم به الشرع وأحكام الله سبحانه وتعالى، وينقادون له في الظاهر والباطن فيسلّمون لذلك تسليماً كلياً من غير ممانعة ولا مدافعة ولا منازعة، كما ورد في الحديث: ((والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدُكم حتى يكون هواهُ تبعاً لما جئتُ به)).

القدوةُ الحسنة:

——–

     هي ذي أمُّ إسماعيل (عليها السلام) القدوة الحسنة للمرأة المؤمنة التقية حقاً، وللزوجة الصابرة المضحّية، وللأم الصالحة المربّية، وهي التي سعت لاستحصال الماء لرضيعها غيرَ آيسة ولا قانطة من رجاء الله ورحمته. فكان أن منَّ اللهُ عليها وعلى وليدها بماءٍ بقي الى اليوم يُذكّرُ الحجيج بذلك الموقف المفعم بالإخلاص لله والانقطاع اليه، فالحجّاجُ لايشربون من  بئر(زمزم)الماءَ فقط، بل يستحضرون مشهدَ الأمّ والطفل الرضيع صبراً وإيمانا واحتسابا.

       لقد هزّت (هاجرُ)ُّ بصبرها وبتضحياتها تاريخ البشرية ليتغيّر هذا التاريخ نتيجةً لإيمانها العظيم وإخلاصها الكبير،وتربيتها الولد الصالح المضحّي نبي الله إسماعيل (ع) ليخرج من نسله أعظم الأنبياء وخاتم الرسل محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- تكريماً لخصلة الإخلاص العظيمة التي تحلَّى بها والداه في ذات الله وحبّه عزَّ وجلَّ!

روحُ الإخلاص:

———

        وهكذا نتعلّمُ روح التقوى والإخلاص لله من هذه العائلة العظيمة، وهذا هو المطلوب منَّا أن نتذكَّره ونقتديَ به في هذا العيد المبارك. لأنَّ هذا الإخلاص هو الذي يُهوّن التضحيات ويدفع باتجاهها، كما قال المضحّي الأكبر الإمام الحسين (عليه السلام) بعد استشهاد أولاده وأصحابه وبعدما قُتِلَ رضيعه بين يديه: ((هوَّن عليَّ ما نزل بي أنه بعين الله)).

    إنَّ روح الإخلاص هذه لله ليست سوى ثمرة للإيمان الراسخ بالله وتقوى القلب، لذلك نقول بأن ما هو أهم من هذه الأضحيات التي نقدّمها في هذا اليوم المبارك هو تقوى القلب ونيَّتنا الخالصة لله. يقول سبحانه وتعالى: (لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ).((الحج/37)

    المهمُّ عند الله تبارك وتعالى هو النيَّة قبل العمل، فحين نقوم بالعمل الصالح الحسن وحين نضحّي ينبغي أن نسأل أنفسنا عن النيَّة: هل نقوم بهذا العمل على أساس نيَّة خالصة لله وطاعة له ورغبة في ثوابه وخشية منه وتعظيماً له وحباً له، أم على أساس نيَّة أُخرى ومصلحة دنيوية؟ هذا هو المحك. ففي فهم الإسلام المميّز لهذا الموضوع هو أن نيَّة المرء خير من عمله، ويثابُ الانسانُ على نيّته الحسنة حتى ولو لم يعمل العمل.وجميعُنا يحفظ الحديثَ النبويَّ الذي هو الحديث الوحيد الذي قد يرقى إلى مرحلة القطع بصدوره عن رسول الله (ص) كما يذكر بعض علماء الحديث: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكلّ امرئ ما نوى).

    فما يحقق ثواب الله ليس هذه الأُضحيات التي نقدّمها هذه الأيام فقط، وليس الأفعال الخيّرة التي نقوم بها فقط، إنما النية القلبية الخالصة لله وراء كلّ فعل، وإنما الباعث على العمل، وإنما روح الإيمان الحقيقي. فما لم نؤمن بالله حقاً لن نتقيه، ومن هنا يقول سبحانه وتعالى: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ).(المائدة/27)

   إن الإيمان الحاسم المتجذّر في القلب هو الذي حين نعيشه يثمر ثمرة التقوى، وهو الذي نعيشه في كل تفاصيل حياتنا، و هو القائم على أساس هذا المبدأ القرآني الذي أعلنه نبي الله ابراهيم (ع) في القرآن الكريم: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ).((الانعام/162).

التضحيةُ مفهومٌ واسع:

————

    إن الإيمان، وفق هذا المبدأ وروح التقوى التي تتبعه، هما اللذان يدفعان المؤمن إلى الإخلاص لله، وهذا الإخلاص هو الذي يدفع الإنسان لتقديم الغالي والنفيس طاعةً لله وتضحيةً في سبيله، تضحية خالصةً تهوّن كلّ المتاعب، وتذلل كلَّ المصائب والمصاعب، ومتى تحقق هذا الإخلاص الذي أطلقه النبي ابراهيم (ع) في هذه الآيات، ينالُ الانسانُ وسامَ التسليم الى الله وهو أرفع الأوسمة الربّانيّة على الاطلاق.

    فالمؤمن حين يضحي بماله ونفسه وجهده وتعبه ووقته وجاهه في سبيل الله وفق  مبدأ الإخلاص والتقوى، ينال المراتب والدرجات الرفيعة عند الله ،ويلطف به ربُّه، وينال ثوابه، ويكون قريبا منه، ويهديه سبله، ويفتح له آفاقه، ويرزقه من حيث لا يحتسب.

إصلاحُ القلوبِ أولاً:

————-

     القضية المهمَّة إذاً، في هذا اليوم، وفي هذا العيد المبارك، هو أن نتذكَّر كل ذلك وأن نعرف أن قضية إصلاح البواطن وإخلاص النوايا لله، وترسيخ التقوى في القلب هو الأساس، فما يريده الله من وراء شعائر الحج – بل ومن العبادات كلّها- ومن القيام بها وبالهدي والأضحيات وبالالتزام بهذه الطاعات هو التقوى في القلوب، لأنَّ الأساس هو ما يستقرّ في القلب من محبَّةٍ لله ومن إيمانٍ به وخشيةٍ منه ورغبةٍ في رضاه.

      إنَّ القضية التي ينبغي أن ننظر إليها اليوم، ونهتمَّ بها في هذا العيد المبارك، هي قضية إصلاح القلوب وإصلاح النوايا الباطنية وجعلها خالصةً لله قبل أن ننظر إلى جمال الأفعال. والله تعالى يقول في محكم تنزيله: (وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى. إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى).(الليل/19-20).

Contact Us

We're not around right now. But you can send us an email and we'll get back to you, asap.

Not readable? Change text. captcha txt

Start typing and press Enter to search