دعوة للمشاركة في الانتخابات البلدية المحلية

سماحة الشيخ باقر بري في خطبة الجمعة الأُولى:

المجمع الإسلامي الثقافي
10-29-2021

دعوة للمُشاركة الواسعة في الإنتخابات البلدية المحلّيّة الثلاثاء ٢ نوفمبر ٢٠٢١

 

ننظر الى المُستقبل بعيون شبابنا المُتطلِّع للتغيير
بالمشاركة الفعالة في الانتخابات.

 

نشهد هذه الأَيّام نشاطاً واسعاً في (مدينة ديربورن )والمدن الأخرى في (ولاية ميشيغن) للمشاركة في الإنتخابات المحلية لإختيار رؤساء البلديات، وأَعضاء المجلس البلدي، ولجنة تعديل الدستور، وإستفتاء المجتمع المحلي حول زيادة أَو عدم زيادة الضرائب لتمرير مشاريع مُعيّنة في المجتمعات المحلية قد تأتي بالضدّ من مصلحتها،أو تضرّ بواقعها المعيشي والسكنيّ.
فأين نحن من ذلك؟
ينبغي علينا أَنْ نُدرك أَهمِّية وضرورة المُشاركة الفاعلة في انتخابات ستؤثر على مدى دورة انتخابيّة كاملة، وسنكون جزءاً من التغيير السلبيّ إن نحن أحجمنا عن الادلاء بأصواتنا.
ومدينة ديربورن تحتاج الى ضخ دماء جديدة بعد سنوات من الترهل والتوغّل في المناصب لسنوات طويلة.
وبذلك نحتاج الى عملية تغيير واسعة تُعيد الأُمور الى حالة من التوازن والتغيير الخلّاق الفاعل في مفاصل رئاسة البلدية وعضوية المجلس البلدي، والدفع بالكفاءات الشابة المُتطلِّعة للعمل بإخلاص وتفاني لكل سكان المدينة.

أسباب العزوف والانكفاء عن المشاركة:
____________
ولعل بعض الناس في الجالية يعزف عن المُشاركة الفاعلة في التصويت والانتخابات لعدة أَسباب أبرزها:

١-بعضهم قد يشعر بالغربة والحنين الدائم للوطن بعد هجره، وأنه غير مُنشَد ومُندمج مع ما في وطنه الجديد من برامج وأنشطة مدنية و إنتخابات، ويعتقد أَنَّهُ غير مستقر و يعيش لفترة زمنية محدودة(مؤقتة) وقد يُقرر العودة الى بلاده متى ما سمحت له الظروف بذلك.
وهذا الإعتقاد ليس صحيحاً دائماً فنحن لا بُدَّ أَنْ نتفاعل مع المجتمع الّذي نعيش فيه ويتربَّى ويتعلَّم فيه أَولادنا، لأننا أصبحنا غرباء عن الأوطان التي هاجرنا منها، والتي تغيرت كثيرا ولم يعد بالإمكان الإرتياح إليها، وصرنا مواطنين في المجتمع الجديد، ولسنا وحدنا المعنيين بالمساهمة في صنع القرار أو تغيير المكان في الوقت الراهن، بل إن ما نفعله اليوم قد يؤثر على مستقبل أبنائنا وبناتنا، ولا بد ان نفكر بواقعية ونراعي مستقبلهم، وحياتهم في أميركا.
ورد عن الإمام علي(ع)قوله في تبيان البلدان التي يجب أن تُحترم:
(لَيْسَ بَلَدٌ أَحَقَّ بِكَ مِنْ بَلَدٍ، خَيْرُ الْبِلاَدِ مَا حَمَلَكَ)،
أَي الأَولوية للبلاد التي تحتضن الإنسان ،وتحترم معايشه وتعليمه وكرامته.
من هنا تأتي ضرورة وأهميّة المُشاركة في الانتخابات مع الحفاظ على  معالم هويتنا الإسلامية.

٢-يعتقد بعض الناس – بسبب التصوِّر الخاطئ الّذي نحمله عن البلدان العربية التي قدمنا منها وعدم أَهمِّية المشاركة في الاصلاح والتغيير- أَنَّ الإنتخابات لا تُغيِّر في الواقع السياسي والإجتماعي والخدمي والأمنيّ شيئا، فالانتخابات كما في لبنان والعراق مثلا مختلفة عن الانتخابات هنا، وقد تحصل هناك دون برامج انتخابية للأحزاب والأفراد، بل بتدخل وتخويف، ولا تعبر عن حاجات المواطن، وقد تشحن الغرائز والنزعات الطائفية والحزبية، بل أيضا تُكرس الواقع كما هو، ولكن أَحياناً بوجوه جديدة، وأسماء جديدة، ولكن بنفس الذهنيات والعقليات والدساتير القديمة.
وتطبيق هذا التصوّر على الانتخابات هنا هو الآخر خاطئ وغير صحيح ، فالبلاد هنا مُتقدمة والتنافس فيها قائم على أَساس البرامج الإنتخابية، ومَنْ هو الأَقدر للتصدي للخدمة العامة وتطوير المشاريع الإقتصادية والسياسية والخدمية التي تتعلق بحياة ومعايش المجتمع.

٣-اللّا مُبالاة وعدم الإهتمام،فبعض الناس في الجالية المسلمة وحتى الشباب منهم يجدون أَنفسهم غير مَعنيين بما يحدث من حولهم ولا يُبالون بوجودهم وثقلهم السياسي والإنتخابي.
ولا يكترثون للنتائج أَو الواقع الّذي يؤثر في مُستقبلهم أو مستقبل أَولادهم، وكأنهم يعيشون في جزر معزولة أو منفصلة عن محيطهم الكبير. وهذه حالة تخلّف وتراخٍ غير مقبولة قد تدفع بنا الى أَنْ نكون على الهامش وغير مؤثرين وبلا فاعلية في الحياة العامة، فضلاً عن أننا قد ندفع ضريبة التقصير بصعود غير المؤهلين، أو المتربصين الى دوائر العمل الفاعلة والمؤثرة.

٤-يعتقد بعض الناس بحرمة المُشاركة في الإنتخابات، ويَدَّعي أَنَّ هذه البلاد ما دامت غير إسلامية فلا يتوجَّب علينا المشاركة.
ونحن نقول  بأنّ هذا الإعتقاد واهم وخاطئ وغير صحيح ،فنحن أَمام إنتخابات على مستوى البلدية تتعلّق بالخدمات وتنظيم الأُمور في المدينة التي نعيش ونتواجد فيها، وإختيار الكفوء والجدير للقيام بهذه المهام  من مسؤولية جميع أبناء المدينة ممن يحق لهم الانتخاب والمشاركة، وليس مقتصراً على فئة معيّنة دون أخرى، ولعلّ أصواتا إضافيّة قليلة قد تصعد بمرشح وتهبط بآخر.
ناهيك عن أنّ العلماء والمراجع الكبار يحثون ويدعون الناس للمشاركة في حماية مصالح المجتمع ودفع الظلم والمفاسد ، والانتخابات وسيلة من وسائل تحقيق أو إحقاق الحقوق.
ولو عدنا الى القرآن الكريم وحديثه عن ولاية النبي يوسف(ع)على خزائن الدولة المصرية في ذلك الوقت  التي لم تكن دولة مُسلمة ،ولم يكن الشعب مسلماً، ولم يكن الحاكم كذلك. لرأينا  كيف تصدى النبي يوسف(ع)بنفسه وطلب من حاكم  الدولة غير المسلمة أو غير الموحّدة أَنْ يتولّى المسؤولية الماليّة لما يجد في نفسه القُدرة على القيام بهذا العمل والإخلاص فيه. تقول الآية الكريمة:
(قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ)(يوسف/55)
ومن هنا، اذا نظرنا الى المسألة من زاوية شرعيّة ،فعلى من يجد في نفسه الكفاءة والأهليّة، ويرى أنه الأصلح ان لايتردد في عرض نفسه للموقع والعنوان، كما فعل يوسف (ع). وعلينا أن لا نتردد في انتخابه والتصويت له.

دعم مرشحي منظمات العمل السياسي العربية الأميركية.

وأَضاف سماحة الشيخ باقر بري، قائلاً؛
نحن إذْ نُشارك في الإنتخابات ننتخب على أَساس الكفاءة والمقدرة والجدارة للمُرشح المُتصدي لإدارة شؤون كل المدينة كما حثنا المراجع الكرام، ولا ننتخب هذا أَو ذاك لأَنَّهُ عربي فقط، فلسنا عنصريين، إنَّما مُرشحونا يتميزون بالإخلاص والكفاءة وجديرون بخدمة كل سكان المدينة على إختلاف تنوعاتهم، ويحملون تصورات شبابية نشطة وواعدة لمساعدة المجتمع وإتِّخاذ القرارات المُناسبة في الإتّجاه الصحيح.  هذا علاوة على أننا نمتلك لجان عمل سياسي فاعلة ومُندمجة مع المجتمع تجتمع بالمُرشحين وتختبر قُدراتهم وتُدقق في سيرتهم وبرامجهم الإنتخابية ومدى مواءمتها لحاجات الناس والتفاعل معها وعلى ضوء ذلك تُقرر مَنْ يستحق الصوت وتُقدِّم لنا رؤية عملية حتى لا تضيع أَصواتنا ولا تتفرق بدون فائدة.
وعلينا الثقة بمنظمات العمل السياسي وأخذ قراراتها بعين الاعتبار وهذه المنظمات:
– توحدت في هذه الانتخابات
-وتواصلت مع المُرشحين
-وأشرت على الحاجات الأَساسية لأَبناء المدينة
-ونظرت الى القوانين ومدى مُلاءمتها للواقع
-وهي راقبت وتُراقب الأَداء
-واجتمعت وأرشدتنا لانتخاب الأَصلح والكفو.
فوز أي مرشح على قائمتها المتحدة يعني مسؤولية العمل والمُثابرة والوفاء بالوعود والإخلاص لكل مجتمع المدينة التي نعيش فيها وتحقيق الإنجاز هو في مُراعاة حاجات المدينة وتذليل الصعوبات وتوفير فرص واسعة للعمل وتكافؤ الفرص.

الأسباب الدافعة للمشاركة:
————————-
وأَكَّد سماحة الشيخ باقر بري قائلاً بأنّ هناك أَسباباً وعوامل عديدة تدفعنا للمُشاركة في الانتخابات منها:

أَوَّلاً: صوتنا هو دليل على وجودنا، ويؤسس لقوة وحجم فاعليتنا في المجتمع والمُساهمة في صنع القرار والمُشاركة الواسعة تمنحنا الإعتبار والقدرة والنظر إلينا كجزء فاعل وأَساسي ضمن مُكونات مُجتمع المدينة، كما ينظرون الى مصالحنا بعين الاعتبار والأهميّة، وقد لاحظنا كيف ان هذه المنطقة الانتخابية مؤثرة حتى على صعيد الانتخابات الرئاسية وقد أخذت بعين الاعتبار في الإنتخابات الرئاسية الماضية، وقد زارها الرئيس جو بايدن أكثر من مرة تقديراً لأهميتها.
و على أية حال، فالمُشاركة بحد ذاتها ،فاز مُرشحونا أَو لم يفوزوا ،هي حالة إعلان وجود وحجم وثقل إنتخابي يحسب له كل المرشحين الآخرين أَلف حساب. ولذلك يقال في البلدان التي تعطي أهميّة وقيمة للصوت الواحد ( صوت واحد شجاع أكثريّة)! فلا تستهن بصوتك فقد يكون هو المرجّح الانتخابي.
وإذا لم نُشارك فإنه سوف ينتفي هذا الوجود ولا يُحسب لنا أَي حساب ولا يُراعون مصالحنا وما نحتاج إليه من خدمات ومطالب ومدارس في الأَحياء التي نعيش فيها.

ثانياً: المشاركة الواسعة تمنحنا القدرة على إنتخاب المؤهل والمِهَني والجدير بمسؤولية القيادة والتغيير ،وخلاف ذلك يبقى واقع الترهل والركود قائماً في المدينة وكأَنَّنا نعمل على تكريس السائد ولا نُحدث التغيير في المدينة، وكما يؤجر الذي يدفع بصعود الصالحين، فمن يدري فقد يأثم أو يعاتب الذي يرضى بالأدنى. وبالتالي، فقد يخرج جمهور هؤلاء المُرتبط معهم ببعض المصالح ويصوت لهم ويؤمن فوزهم في الانتخابات، ولا يتغيَّر شيء بسبب التقاعس والعزوف عن المُشاركة.
فنحن إذن أَمام مسؤولية حقيقية ولا بُدَّ أَنْ نعي أَهمِّية الصوت والمُشاركة الواسعة، وكل صوت ثمين ويصنع الفارق فقد تشتد المنافسة ويكون الفارق بسيطاً في تقرير مَنْ الفائز أَو الخاسر في الإنتخابات.

ثالثاً: مشكلة الضرائب، وإرتفاع الضرائب على البيوت والمنازل مُعضلة كبيرة تواجهنا في مدينة ديربورن التي تتمتع بمزايا خاصة منها وجود المحلات العربية والمدارس والمساجد وقربها من سكن أَبناء الجالية لذا يزداد الطلب على البيوت فيها، فترتفع اسعارها وهي أسعار غير واقعية، وفي موازاة ذلك ترتفع الضرائب على هذه البيوت بشكل غير مُبرر ودون اعتبار لهذا العامل، وتُشكل عبئاً حقيقيا على الناس والفقراء الذين يسكنون في بيوت صغيرة وقديمة ويدفعون ضرائب عالية بينما توجد في مُدن أُخرى بيوت أَكبر وأحدث ولكن بضرائب مُنخفضة، و لقد وعدنا المرشحون للعمل على مُعالجة هذه المُشكلة مُعالجة حقيقية، بالإضافة الى مشاكل المُخدرات والسرعة الفائقة في الشوارع وإصلاح الأَحياء والبُنية التحتية المُتهالكة على مستوى الشوارع والمياه والمجاري والتعامل مع مياه الأَمطار والفيضانات التي زادت في هذه السنة.

رابعاً: قلة الملاعب في المدينة والحدائق العامة وعدم قدرتها على إستيعاب شبابنا والإهتمام بالنشاطات الرياضية والترفيهية التي يحتاجون إليها.
وكذلك التكنولوجيا الضعيفة في بلدية المدينة التي أَخرت الكثير من الخدمات ولم تتفاعل مع التطورات الهائلة في العلوم الحديثة، وحاجة المدينة لتسريع معاملات المشاريع فيها للدفع بالمدينة الى الأمام من الناحية العمرانية.

 الدعوة الى انتخاب المرشحين لمجلس تغيير دستور المدينة:
__________

وإختتم سماحة الشيخ باقر بري خطبته قائلاً:
الإنتخابات مُهمَّة جدًاً والمُشاركة الواسعة وتحديد الأَولويات أَيضاً له مساحة واسعة فيها، فنحن أَمام مسؤولية كبيرة ننظر الى حجم المشاركة وإحداث التحوّل والتغيير ونلتفت الى ضرورة إنتخاب الأّشخاص من ذوي الاختصاص في إختيار مجلس تغيير الدستور للمدينة  لاسيما وأن الدستور هو الحاكم على عمل رئيس البلدية وعمل المجلس البلدي ،ودستور المدينة لم يتغيَّر منذ فترة طويلة، وبعض الناس لم يلتفت الى هذه الحقيقة ويعتقد أَنَّ المُهم هو إختيار رئيس البلدية فقط أَو أَعضاء المجلس البلدي ومع أَهمِّية إختيار هؤلاء نحن نحتاج الى دستور جديد يُعالج الثغرات والنواقص الدستورية والقانونية ويُقدِّم الحلول ويدفع بالمدينة الى الأمام.
وعندما نُشارك مشاركة كبيرة نُسهم في عدم تمرير زيادة الضرائب التي أَثقلت كاهل سكّان المدينة ولم نستفد من هذه الأَموال استفادة مناسبة في بناء مرافق ومدارس جديدة أَو خدمات الطرق أَو مشاريع البُنية التحتية والخدمات العامَّة.
إنّ المُشاركة الكبيرة في الإنتخابات فيها مصلحة للمجتمع وللجالية التي ننتمي إليها ومكسب لأَولادنا ومستقبلهم. وشبابنا المرشحون نثق بهم ونتوسَّم فيهم الخير والصلاح ونفتخر ونعتز بتصديهم للمسؤولية ونشد على أَيديهم ونعتقد أَنَّهُم قُدوة ناجحة لشحذ الهِمَمْ والإرادة والعزيمة لدى شبابنا الجامعي المُتعلِّم، وننظر الى المُستقبل بعيونهم المُتطلِّعة للنجاح والتفوّق وإثبات الذات والوجود والمُشاركة في صنع القرار .

Contact Us

We're not around right now. But you can send us an email and we'll get back to you, asap.

Not readable? Change text. captcha txt

Start typing and press Enter to search