سماحة الشيخ باقر بري في الليلة السادسة من ليالي

:سماحة الشيخ باقر بري في الليلة السادسة من ليالي شهر مُحرَّم الحرام

 

التأهيل والإعداد الإجتماعي ضمانة للبيت الآمن 

 

:في الليلة السادسة من ليالي عاشوراء تحدث سماحة الشيخ باقر بري إمام المجمع الإسلامي الثقافي قائلاً

 

من مُقوِّمات وشروط البيت الاسلامي الناجح الذي نريده أن ينعم  بالسكينة والطمأنينة والإستقرار هو توفره على أرضية  التأهيل الإجتماعي للأبناء الّذي يقوم به الأهل  في المُعتاد لتأهيل وتوجيه الأبناء للانخراط المؤدب مع الناس في الحياة والتعامل على النحو اللائق والمقبول مع الجميع

       ونحن نعيش في مجتمع غير إسلامي تتعدد وتتنوَّع فيه الأَساليب والآداب والسلوكيات، علينا  أَنْ نجمع ونُوازن بين ثقافتنا الإسلامية وهذه الثقافات غير الإسلامية نأخذ منها ماهو صالح ونافع ونترك ماهو

 فوضوي ويتَّسم بالإنفلات والتحرر غير المُنضبط الّذي لا يتوائم مع ثقافتنا وهويتنا الإسلامية دون أَنْ نذوب في ما حولنا من أَجواء قد تؤثر سلباً في ثقافة وتربية أَولادنا وشبابنا

ونحن نعلم إذْ نعيش في اميركا أَنَّ الناحية العلمية مُتطوِّرة وتأخذ نصيبها من الإهتمام الكبير

.ولكن لا يوجد إهتمام وتركيز في الجانب التربوي والأَخلاقي والسلوكي

.نعم هناك توجيهات عامة وآداب رفيعه عامه ولكنّها غير كافية ولا تُحقق المرجو والمطلوب لتأهيل اولادنا اجتماعيا وتربيتهم على الآداب واللياقات الاجتماعية والاسلامية

إذاً نحن نحتاج الى المحافظة على هويتنا وثقافتنا الإسلامية وآدابها الرائعة في الكثير من جوانبها حتى نُحافظ

.على قدر عالي من الإلتزام والإنضباط وحتى نوفر أجواء الأنس والسكينة في بيوتنا

ومن خلال هذه الآداب نمنح أَولادنا المجال الأَرحب ونغرس في نفوسهم اللياقات الإجتماعية المُتمثّلة في

.المحبَّة والإحترام والثقة بالنفس وكيفية التعاطي والتفاعل مع الأهل ومع الأصدقاء ومع الجيران ومع كل أصناف الناس وذلك يتأتّى من خلال المُمارسات التي نحرص عليها في المنزل ومنها أن نفتح بيوتنا لاستقبال الضيوف وإكرامهم من الأقارب والجيران والأصدقاء

.حتى يكون الولد عارفاً ومُتفاعلاً مع المجتمع من حوله ويعرف كيف يعيش السلوكيات والأَخلاقيات العامة التي هي في الأَساس من صميم تعاليم الإسلام وأَحكامه ومن خلالها نكتسب الفوز والفلاح والتوفيق في الدنيا والآخرة

:لدينا روايات اسلامية عديدة تحث الأهل على تربية أولادنا على الآداب وتعتبرها أفضل ما يمكن أن يورث الآباء الأبناء نأخذ منها ما ورد عن الرسول الكريم (ص) قوله

(مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدًا مِنْ نَحْلٍ أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ)

:وفي قول آخر

.(ما نحل والد ولده نحلة أفضل من أدب حسن يفيده إياه أو جهل قبيح يكفه عنه ويمنعه منه)

:وعنه أَيضاً

(خير ما ورث الآباء الأبناء الأدب)

.والأَدب يسمو على كل الثروات والمنافع الأُخرى ومن خلاله يبقى تواصل الأَبناء مع والديْهُم حتى لو إضطرتْهُم ظروف الدراسة والعمل للتواجد والعيش في مكان آخر

      .وإنْ لم يلتفت الإنسان الى هذه الناحية المُهمَّة في تربية الأَولاد لا يحصل منهُم في معظم الأَحيان إلّا الصدود القطيعة والجفاء

وللأَسف بعض الناس يعمد الى القطيعة مع إخوته وأَخواته وحتى والديه بل والأَدهى والأَمَر أَنْ يطلب من أَولاده

مُقاطعة أَعمامهم وأَولادهم حتى يستسهل الأَولاد قطع صلة الرحم بينهم عندما يكبرون لأَبسط خلاف يَنشب بينهم

وهذه حالة مُزرية ومؤلمة أَنْ يكون بعض الناس بهذه الضحالة في علائقهم العائلية ومع دائرة الأَقارب المُحيطة بهم

:وإكَّد سماحة الشيخ باقر بري في حديثه قائلاً

 :نستطيع أَنْ نجعل بيوتنا آمنه وفيها سكينة وإطمئنان  من خلال,

:أَوَّلاً

أَنْ نكون القدوة لأَولادنا نتفاعل معهم بلياقة ونتصرف أمامهم باحترام  ونُشاركهم الإحترام ونمنحهم الثقة بالنفس ونعمل على تأهيلهم اجتماعيا لينطلقواْ بثقة الى المجتمع الأَكبر

 يعرفون كيف يتعاملون وكيف يُميّزون وكيف يواجهون ما يعتري طريقهم من بعض الصعوبات والعراقيل، ونسعى الى تعليم بناتنا وشبابنا عندما يكبرون ويصلون الى سن الزواج وفتح بيت جديد

حدود واجباتهم وحقوقهم: ما الّذي ينبغي للفتاة القيام به مع زوجها وما هي حقوقها وواجباتها  وكيف تتعاطى مع أُسرته وللشاب ماهي حدود واجباته نحو زوجته وحقوقها عليه ومعنى معاشرتها بالمعروف ولا نترك الأَمر والحبل على الغارب.

.وبذلك تقع المشاكل بسبب عدم التفاهم وعدم الإنسجام حتى تصل الى الإنفصال والطلاق وهذا ما لا نرجوه لأَولادنا في المستقبل

:ثانياً

.هو أَنْ نجعل من بيوتنا مكاناً للتأهيل الإجتماعي ونُركِّز على التربية الروحية الإيمانية ونجعلهم يُحافظون على طباعهم وعاداتهم  الاسلامية ويأخذواْ منها ما ينفعهم ويُعينهم ويُربيهم على الكرم والعطاء

:وورد عن الإمام علي (ع) قوله

فَمَنْ آتَاهُ اَللَّهُ مَالاً فَلْيَصِلْ بِهِ اَلْقَرَابَةَ وَ لْيُحْسِنْ مِنْهُ اَلضِّيَافَةَ وَ لْيَفُكَّ بِهِ اَلْأَسِيرَ وَ اَلْعَانِيَ وَ لْيُعْطِ مِنْهُ اَلْفَقِيرَ وَ اَلْغَارِمَ وَلْيَصْبِرْ

 نَفْسَهُ عَلَى اَلْحُقُوقِ وَ اَلنَّوَائِبِ اِبْتِغَاءَ اَلثَّوَابِ فَإِنَّ فَوْزاً بِهَذِهِ اَلْخِصَالِ شَرَفُ مَكَارِمِ اَلدُّنْيَا وَ دَرْكُ فَضَائِلِ اَلآْخِرَةِ)

:وإختتم سماحة الشيخ باقر بري حديثه قائلاً

ونحن في رحاب عاشوراء نعود الى بيت السيدة فاطمة الزهراء(ع) ونلحظ كيف ربَّت أَولادها وغرست فيهم الإيمان

 وروح القيادة والثقة بالنفس

:وهاهو الإمام الحُسَيْن(ع)لم يزل طفلاً صغيراً يذهب الى المسجد ويرى عُمر يعتلي المنبر ليقول له بكل عزيمة وصلابة

(إنزل عن منبر أَبي وإذهب الى منبر أَبيك)

:وهذا القول بحد ذاته موقف سياسي حازم يؤكِّد حقيقة شرف منبر رسول الله (ص) وأَنَّ ما حدث بعد وفاته نُكوصاً وتراجعاً عن وصيته بالخلافة للإمام علي(ع)

فعن يحيى بن سعيد الأنصاري عن عبيد بن حنين حدثني الحسين بن علي قال أتيت عمر وهو يخطب على المنبر فصعدت إليه فقلت انزل عن منبر أبي واذهب إلى منبر أبيك فقال عمر لم يكن لأبي منبر وأخذني فأجلسني معه أقلب حصى بيدي

 فلما نزل انطلق بي إلى منزله فقال لي من علمك قلت والله ما علمني أحد  قال بأبي لو جعلت تغشانا قال فأتيته يوما وهو خال بمعاوية وابن عمر بالباب فرجع بن عمر فرجعت معه فلقيني بعد قلت فقال لي لم أرك قلت يا أمير المؤمنين إني جئت

.وأنت خال بمعاوية فرجعت مع بن عمر فقال أنت أحق بالإذن من بن عمر فإنما أنبت ما ترى في رؤوسنا الله ثم أنتم

ونذكر السيدة أُم البنين وكيف ربَّت ودرَّبت وأَعدَّت أَولادها العباس (ع) وإخوته ولاحظنا حجم مُشاركتهم ونُصرتهم للإمام الحُسَيْن (ع) في واقعة الطف الأَليمة حيث كانواْ على مُستوى عالي ورائع من الإعداد والتأهيل الإجتماعي الناجح

نقتدي بهم ونسير على نهجهم وخُطاهم وفي ذلك الفوز والصلاح لنا ولأَولادنا على مَر السنين

 

المجمع الإسلامي الثقافي

ديربورن

السبت ٥ مُحرَّم الحرام ١٤٤٣هجرية

08-14-2021

لمشاهدة جانب من الخطبة

www.youtube.com/watch?v=gjgXRkxkN8E

Contact Us

We're not around right now. But you can send us an email and we'll get back to you, asap.

Not readable? Change text. captcha txt

Start typing and press Enter to search