قضيّة القضايا ( القضيّة الفلسطينيّة)

الجمعة ١٣ 2022

وتبقى (فلسطينُ) قضيتنا المركزيّة التي تتقدم على جميع القضايا، هي (الجرح الأكبر) الذي يجمعنا بعدما فرّقتنا سياسات الركوع والخضوع والتطبيع، والحروب الأهليّة التي نسيت وجهة بنادقها فراحت تصوّبها نحو صدور ورؤوس الأهل والإخوة ، تبقى فلسطينُ القضيّةُ جرحَنا النازف الذي لا يدمل الا بأيدي أبنائه الغيارى والصادقين ممن عاهدوا الله. فليست فلسطين هي الرقعة الجغرافية التي غار عليها الصهاينة ذات غفلة من الزمن فاغتصبوها، بل هي (أرض الانبياء) و( أرض الاسراء والمعراج) التي بارك الله تعالى ماحولها، هي الأرض المباركةُ التي احتضنت أولى القبلتين وثالث الحرمين،، هي البيت الجنتيّ التي قال الامام علي (ع) عنها (( أربعة من قصور الجنّة في الدنيا: المسجد الحرام، ومسجد الرسول ، ومسجد بيت المقدس، ومسجد الكوفة))
شوقاً الى تلك الديار:
——————–
كما تبقى فلسطين اللوعة في قلوب مليار و 900 مليون مسلم يتحرقون شوقا الى زيارتها، وهم ممنوعون من أرضهم المقدسة التي دخلها الجبّارون عنوة من أهلها وعاثوا فيها سنين عجافا والى اليوم فسادا، وغدت مسرحا يتجول عليه حثالة من البشر، بلا رادع يردعهم عن جور وظلم، ولا قوة تقف بوجههم وهم يسومون أهلنا وإخوتنا من أبناء الشعب الفلسطيني جرعات الظيم والقهر والإذلال اليوميّ ، فلم يسلم من عدوانهم الذي طال الرجال والنساء والشبان والأطفال، حتى المراسلون الصحفيون الذين يعدّون في الأعراف الدولية خطوطا حمر لم يسلموا من نيرانهم التي لاتفرّق بين صحفي مسالم، وإنسان مقاوم، بل لم يكتفوا بإطلاق النار على الشهيدة ( شيرين بو عاقلة) وحسب، وإنما تعرّضوا لموكب تشييع جنازتها بالاعتداءات الوحشيّة، هؤلاء الذي يدعون دعاوى فارغة أنهم شعب متحضر وأصحاب الديمقراطية ومحبو السلام والدولة العادلة في المنطقة!
الكاميرا الأخطر من السلاح!
————————-
ومع كل هذه العنجهيّة الصهيونية، وكلّ هذا التنمّر والوحشية المتزايدة ، يطالعنا مسؤولو هذا الكيان الأجوف من الداخل ليعلنوا خوفهم من (عدسة الكاميرا) أكثر من خوفهم من (فوهة البندقيّة) . يقول( رون كاشاك) الناطق باسم الجيش الاسرائيلي: الكاميرا أخطر علينا من السلاح، وهو اعتراف ضمني بجريمة قتل المراسلة شيرين أبو عاقلة، وليس جديدا هذا التصريح الذي يكشف جبن وخوف الاسرائيلي من (الكلمة المقاومة) و(الكاميرا الكاشفة عن الحقائق ) فلقد قالها (موشي دايان) وزير أركان الحرب الأسبق ذات يوم بعيد: إن كلّ قصيدة من قصائد الشاعرة الفلسطينية (فدوى طوقان) تصنع عشرة فدائيين !! وصدق الله الذي يصوّر لنا في القرآن مدى هلع الاسرائيلي من المسلم المقاوم ( لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون) ( الحشر/14).
خيانة المهرولين:
———————–
وفي حين يقف الشعب الفلسطيني المناضل المقاوم مدافعا منفردا عن قضيّة الأمة العادلة، وبصدور عارية وقبضات عزلاء أحيانا، ويدفع قسطه من مسؤولية حماية المقدسات، نرى كيف تبلغ الوقاحة والصفاقة بسفير الامارات في القدس بحيث يهنيء الرئيس الاسرائيلي بعيد استقلال اسرائيل ، من دون أدنى شعور بالعار والخجل ولا من الاحراج أمام الشعب الفلسطينى المهدور دمه المسحوقة كرامته، والمحتلة أرضه، فعن أي استقلال يتحدث هذ السفير الأرعن، وصدق الشاعر الراحل (نزار قباني) إذ يقول في قصيدته ( المهرولون) :
سقطت آخر جدران الحياء. و فرحنا.. و رقصنا.. و تباركنا بتوقيع سلام الجبناء لم يعد يرعبنا شيئٌ.. و لا يخجلنا شيئٌ.. فقد يبست فينا عروق الكبرياء…
لكنه وهو ينعي على قطاعات عريضة مهزولة ومهزومة من الأمة، لاينسى ( أن (الهرولة) للتطبيع مع مغتصب الأرض وقاتل الشعب، لاتزيد الخانعين الا عارا وشنارا، أما الشعب الواعي لقضيته، ومن يتضامن معه في موقف إسلامي مشرّف، فلا يزيده ذلك إلا مضاءً وعزيمة وإصراراً على كسر شوكة المعتدي، فهو الرهان، و هو الذي بيطل مفعول التآمر على القضيّة، ويُفسد على المطبعين نواياهم الدنيئة والمسيئة: ما تفيد الهرولة؟ عندما يبقى ضمير الشعب حياً كفتيل القنبلة.. لن تساوي كل توقيعات أوسلو.. خردلة!!..

شعب الكرامة:
—————–
ها هو الشعب الفلسطيني الأبي وقد نفض يدَه من (إخوة يوسف) الذين أوقعوه في البئر، وراحوا يدّعون أن الذئب أكله، يرفض ليده أن تُلوى وهي تصارع يد الاسرائيليّ الجبان ، وهاهو وقد أعطى كلّ شئ ولم يستبقِ شيئا ، لا يستجدي حريته ممن حرموه منها، بل يحاول أن يقتلع شوك الصهاينة بأظافره ـ وهو على علم أن طريقه الدامية هي طريق العزّة والكرامة والنصر مهما استوحش الآخرون من السير فيها، وأن وعد الله حق في نصر من ينصره، وأنه تعالى لن ينصر جنده فيغلبهم الباطل الذي قد يفوز في جولة أو بضع جولات ، لكن جند الباطل- مع إصرار الشعب الذي أراد الحياة فاستجاب القدر، سيكون هو المنكسر في النهاية .

ماذا أجدت التنازلات نفعا؟
————————
ولقد جرب الفلسطيني – على مدى سني قضيته العادلة- أن كلّ التنازلات التي قدمها الزعماء الفلسطينيون ، لم تُرضي الاسرائيلي ولم تقنعه ولم تشبع نهمه ، فلقد قبل (العربان) بالسلام المزعوم، وبحل الدولتين، وبالعودة الى حدود ال (67) ، ولم يشفع كلّ ذلك ،بل ذهبت مراهنات القادة الفلسطينيين هواءً في شبك، وبقي الاسرائيلي الجشع كنار جهنم : هل امتلئتِ ؟ فتقول: هل من مزيد، فعلى الرغم من أن 78% من الآراضي الفلسطينية هي تحت تصرف الاحتلال الغاصب ،فإنه يسعى وعلى مرأى ومسمع من العالم الى قضم وضمّ أراضى جديدة، وبناء مستوطنات جديدة، وزرع حواجز جديدة.

وقفة التعاون والتضامن
————————
إن وقفتنا مع إخوتنا في الدين والنضال والمقاومة والدفاع عن الحقوق المشروعة، هو بعض ما يتوجّب علينا من حق النصرة، بل إننا نطالب أبناءنا من الطلبة الجامعيين والعمال والاعلاميين والنافذين والمتخصصين أن يتحدثوا في أميركا عن ظلامة شعب بأكمله استولى ثلٌّ من المحتلين عليه وهم يسومونه الذل والسجن والقتل والتشريد، بل يمارسون ضده (إرهاب الدولة) فيما يتهمون المنتفضين من أبناء فلسطين الذين يدافعون عن أرضهم وحقوقهم الانسانية بكل الوسائل المتاحة، ولابد للعالم أن يعي أن هذا الشعب الذي سرقت دياره، واحتلت أرضه، كان متعايشا مع الأقليات أو المكونات الدينية تعايشا سلميّا، فلم يُسجل تاريخ العلاقة السابقة على وعد بلفور أية انتهاكات إسلامية للجالية اليهودية وغيرها من الديانات الأخرى التي عاشت على أرض الاسراء والمعراج وأرض النبوات والديانات بسلام ودفء مع إخوانهم في الانسانية وان اختلفوا معهم في الدين والمعتقد.

جرّار الخسائر والتداعيات
————————–
إن خسارتنا أو تفريطنا بالرمز الذي تمثله قضيتنا المركزيّة (فلسطين) هو الذي جر علينا الويلات تلو الويلات، فلم تعد النيران تشتعل في القدس فقط، بل لقد امتدت ألسنة اللهب الى بلداننا أيضا في لبنان وسوريا والعراق ومصر والسودان واليمن، وما هذه الحروب المتلاحقة الا نتيجة زرع هذه الغدة السرطانية في جسد الأمة، وما هذه الانهيارات الاقتصاديّة المروّعة إلا حرب من أخطر حروب المواجهة، ذلك أن أبشع أسلحة العدو بعد الخداع والتضليل ، هو التلاعب بمقدرات الشعوب المسلمة وتمزيق وحدتها وتجزئة دولها، بل بلغ الأمر حدّا أن يتخذ الموساد الاسرائيلي مواطئ قدم له هنا وهناك في شمال العراق وجنوب السودان وبعض دول الخليج، مما ييسر له التخريب والاختراق وضرب المزيد من البلاد الاسلامية بأقل التكاليف وأبخس الأثمان.، وللأسف فإن العدو الذي يفرّق ليسود يجد في أولياء الأمر في أقطارنا من يمدون له يد العون والتآمر علينا..

خط الدفاع الأخير
—————-
ولم يبق لنا في خط الدفاع الأخير الا أن نستمر في دعمنا لأهلنا في فلسطين وهم يسجلون أروع ملاحم البطولة وكسر ترسانة السلاح الضخمة، ونواصل وقفتنا التضامنية مع نضالهم المشروع قلبا وقالبا، وأن نتفاعل بكل ما لدينا من وسائل النصرة والمؤازرة مع هذ الشعب الذي أثبت للعالم أنه حي لا يموت، وأن أجياله الصاعدة تتنادى لكي تحقق ما لم تحققه الانظمة المتهرئة طوال سني الاحتلال وضياع أرض المقدسات ، والله العلي الكبير نسأل أن ينصر شعبنا المجاهد في فلسطين نصرا عزيزا، ويفتح لهم فتحا مبينا وأن يجعل لهم من لدنه سلطانا نصيرا.

Contact Us

We're not around right now. But you can send us an email and we'll get back to you, asap.

Not readable? Change text. captcha txt

Start typing and press Enter to search