كورونا المخدّرات

بما أنَّ الله تبارك وتعالى هو الخالق، ويعرف طبائع الناس وردود أفعالهم تجاه مختلف الوقائع والأحداث والأشياء، فقد جاءت مضامين الآيات القرآنية لترصد هذه الردود، وتوجهها نحو الأفضل، ولتأخذ بيد الواقع المجتمعيّ نحو الأصلح، من أجل إقامة ركائز متينة للبناء الحضاري، ولبناء مجتمع سليم قادر على مواجهة معضلاته بأكثر الطرق فاعليةً.

      ففي واحدة من آيات القرآن المهمَّة التي يتوجَّه فيها البيان الإلهي إلى المجتمع الإيماني وليس إلى الفرد فقط، يأتي الأمر بضرورة اعتماد القول السديد مباشرة بعد الأمر بتقوى الله، حيث يتمُّ الربط بين القول السديد والإصلاح في الشؤون والأعمال مع غاية التشريعات قاطبة وهي (التقوى)، حيث يقول تعالى:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا).

        فما هو القول السديد الذي يعدّ شعبة من شعب التقوى؟

       يقال: سدّد الرمية أو اللكمة إذا اجتمع شرطان: (المباشرة) و( دقة التصويب)  ،  والقول السديد هو الكلام الذي يوافق الصواب والصحّة والرشاد فيحقق هدفا، وبمعنى آخر،  السداد هو قول الحق، والحق هو القول المبني على المعرفة الصحيحة الذي لا يُلقى جزافاً، بل يحمل مضموناً ويعطي توجيهاً فيه مصلحة للمجتمع والإنسان ومنفعة لهما،  كمنفعة الدواء الناجع والقادر على الشفاء، وليس الدواء المزيف أو الفاقد للتأثير.

       من هنا فإنّ إنَّ القول السديد هو القول الصالح والنافع والبنّاء والهادف، وانطلاقا من قيمته هذه فهو مسؤولية  مجتمعيّىة تُلقي بظلالها الواسعة على جميع حقول الحياة ، وكل أصناف الناس بمختلف المواقع  و المستويات؛ الفردية والمجتمعية؛ المدنية والدينية ،والتربويّة والسياسيّة.

 مسؤوليّة المنبر الإعلاميّ الاسلاميّ:

——————–

     وحين يتعلَّق الأمر بالمنبر الإسلامي فلا بدَّ أن نزنَ الكلام بميزان الذهب، فهو ليس منبراً إعلاميّا بلاغياً فحسب بل إنه -أولاً وخصوصاً- منبر دعويّ وتوعويّ يجدر استعماله لتقديم الرأي والإرشاد والتوعية والأفكار التي تعطي بصيرة للمتلقّي، وتساعد مجتمعنا في مواجهة قضاياه الراهنة ومشاكله الاجتماعية. هو أحد أهمّ أدوات التبليغ، وليس كلّها.

     وترتيبا على ذلك، فإنَّ أشدّ ما نحتاج إليه، اليوم وغداً، هو أن نتحدَّث بالكلام السديد. أمَّا إطلاق الكلام على عواهنه في المجالس والصالونات وأقبية المنازل فلا يُجدي نفعا، ولا يوجد حلاًّ، بل يَضرُّ ويساهم بتفكيك لُحمتنا الاجتماعية، ويضع العصيّ في عجلة  عملنا.  ذلك أنّ مواجهة أي مشكلة عملياً تتطلَّب تقديم الطروحات الصائبة والآراء المفيدة المبنية على العلم والمعرفة، وليس الكلام العشوائي أو الإنشائيّ الذي لا يستند إلى أي أساس علمي أو منطقي. فعن الإمام الصادق (ع) عن آبائه عن رسول الله(ص): ((من عمل على غير علم، كان ما يفسد أكثر مما يصلح)).  ولما كان توصيف القرآن للقول الصائب المراعي للحق بأنه سديد، فإنّ ما ورد في الخبر من أنّ ((العامل بغير علم كالرامي بغير وتر)) يعني أن كثيرا من الكلام غير العلميّ أو الموضوعيّ هو أشبه بسهام طائشة لا تصيب أهدافها!

   الأخطر من كورونا!!

—————-

        إننا اليوم في الجالية المسلمة نواجه مشكلةً كبيرةً، معقّدة، ومتزايدة، بات من غير الممكن السكوت عنها أو إدارة الظهر لها، ألا وهي ظاهرة تفشّي المخدّرات بأنواعها، حيث يصلنا، بين فترةٍ وأخرى، وبأوقات غير متباعدة، جثمانُ شاب من شبابنا وقد قضى نحبه ب (الجرعة الزائدة)!

      ولا نريد هنا أن نقلل من قيمة الوباء العالميّ (فايروس كورونا) لكنه  في النهاية وباء سيتمكن الأطباء والعلماء من إيجاد علاج له – عاجلا أم آجلا- لأنه ( وباء صريح) أعلن عن نفسه بقوّة، وراح يفتك بآلاف البشر، وربما كانت طرق الوقاية منه بالكمامات أو غسل اليدين بالماء والصابون والمطهّرات، كفبلة بإبعاد شبح خطره عنّا، أمّا (وباء المخدّرات) فأخطر ،لأنه إقبال على التهلكة، و(شراء الموت) ،ولأنه لن يرتفع من الوااقع بخطبة أو موعظة أو ندوة إرشاديّة، أو مقالة عابرة.

فكيف نواجه هذه المشكلة/ الآفة التي هي أخطر من فيروس كورونا – هذا الذي نرتعب منه – والتي يمكننا أن نُسمّيها “كورونا المخدّرات”؟

       قد يكون ضحايا المخدرات – بالحسابات الرقميّة – أقلّ من عدد المصابين أو المتوفين بكورونا، لكنّ الأمور لا تقاس بإحصاءات مقطعيّة، بل بامتداد تأثيراتها، وسعة انتشارها، والتساهل في التعاطي معها، أو الاستسلام لدورها التخريبيّ على أكثر من صعيد روحيّ وصحيّ وبدنيّ ونفسيّ . وكما يقال فإنّ الموت التدريجيّ أصعب وأخطر وأوجع من الموت الدفعي أو الطبيعيّ.

     وكما أن المصاب بفايروس كورونا مهدّد بالموت والفناء إن لم يجد اللقاح أو العلاج المناس،فإن المصاب بفايروس المخدرات سيلاقي حتفه إن لم يساعد نفسه – ونساعده نحن أيضا- على الوقاية واجتناب منطقة الخطر ، والإقلاع عن هدم حياته بيده !

 

أولاً: التوعية والإرشاد والتوجيه:

—————–

     لقد حدثَ أن اجتمعنا، قبل فترة، بمجموعة واسعة من مؤسَّسات وجمعيات الجالية المهتمَّة بهذا الشأن، إضافة إلى فعاليات دينية وثقافية بارزة. وكان ثمَّة إجماع بأنَّ توعية الأبناء في موضوع المخدّرات تأتي في المقام الأول، وهي مسألة تحتاج منَّا جميعاً التحرُّك العاجل والفاعل و بشتَّى السُّبُل الممكنة.

     لكن ما الذي حدث بعد ذلك؟

     تتالت هذه الاجتماعات على مستوى الفاعليات والمسؤولين، لكن من دون أن نجد ترجمةً فعليةً على الأرض!

      وإذا كنَّا – من جهتنا- نستخدم المنبر الديني للتوعية والإرشاد والتوجيه، فإنَّ ذلك –على أهميّته لا يجدي لوحده نفعا، فكما يقولون باللغة الإنكليزية: “تحتاج إلى قرية لكي تُربّي ولداً”. فمثل هذه المسائل تحتاج الى تكاتف الجهود وتكاملها ، وينبغي أن تتمَّ على المستويات والصُّعُد كافَّةً.

      إنّ ما نحتاجه من هذه الجمعيات أن تتحرَّك معنا من أجل توعية أبنائنا وبناتنا في المدارس والمقاهي والجامعات ومن خلال وسائل  التواصل الاجتماعي. ونحتاج منها أيضاً أن تتحرَّك على صعيد مؤسَّساتنا، فترسل إلينا من ينشر الوعي بين الأهالي، في الأسابيع والمناسبات، إضافة إلى استخدام مواقع التواصل الاجتماعي عبر  (الفديوهات التثقيفيّة القصيرة المؤثرة) واستخدام  البروشورات أوالمنشورات الورقية، وتحفيز وسائل الإعلام في الجالية للتركيز أكثر على هذه الآفة وطرق مواجهتها… هذا هو الإعلام الذي نطمح اليه و نحتاجه ونؤكد على  قيامه بدور أكثر رياديةً، والى إحساس أكبر بالمسؤولية، وتقدير أعلى للمخاطر المترتبة على انتشار كورونا المخدرات ، والى أساليب أكثر فاعليّة في التأثير والمتابعة.

      إنَّ توعية الأهالي لا تقلّ شأناً عن توعية الأبناء. وعلى الجمعيات أن تقوم بتدريب عناصر مؤهَّلين لتوعية الأهالي، فلا تقتصر ثقافة الردع والتوعية فقط على الأبناء ، بل لابدّ للأهالي من معرفة: ما هي علامات الإدمان الصحية والنفسية والجسدية؟  وكيف يتعاملون مع هذه المعضلة؟ و كيف يحافظون على أبنائهم؟ و إلى من يلجأون في حالة اكتشاف تعاطي أحد الأبناء هذه المواد القاتلة من جهة، والمضعفة للمناعة من جهة أخرى؟   وما هي مخاطر الجرعات الزائدة و طرق علاجها… إلخ. فكما يقول المثل الشعبي: “درهم وقاية خير من قنطار علاج”.

    إنّ بإمكان جمعيات مكافحة المخدرات أن تقوم بما لا تستطيع المؤسَّسات الدينية القيام به، لأننا نتعامل مع مجال يحتاج بعض الأحيان إلى الميزانيات المالية الكبيرة فضلا عن الحاجة الماسّة الى أهل  الخبرة والإختصاص. ناهيك عن أن العالم الديني ليس طبيباً ولا خبيراً نفسياً ولا معالجاً مختصّاً يعرف طُرُق العلاج لكي يستطيع التصدّي لهذه المهمَّة لوحده.

      قد نجد من يقول: أين المشايخ؟ أين المؤسَّسات الدينية؟ وأين… وأين…

وهذا كلام أقلّ ما يُقال عنه بأنه غير علمي، لأنَّ الصحيح أن يُقال: أين الجمعيات المتخصصة الموجودة وأين دورها؟ وأين التعاون والتكامل فيما بينها؟ وكيف تصرف المنح والأموال التي تحصل عليها؟ وأين المبادرات الخيرية لتأسيس جمعيات خيرية تساعد على التعافي من المخدرات وبث الوعي حولها؟ وأين الدعم المادي والمعنوي الذي يقدمه أبناء الجالية ومتخصصوها وأغنياؤها إلى مثل هكذا جمعيات؟ وأين مجموعات العمل السياسي كي تضغط لتفعيل دور المسؤولين ودور القانون والمؤسسات الحكومية لمكافحة آفة المخدرات؟  وأين هؤلاء الذين يظنون أن الجالية تستطيع أن تواجه آفة المخدرات بإحداث بلابل وإثارات كلامية فارغة ضد المؤسسات الدينية التي تعدّ أحدّ المكلّفين الأساسيين في صيانة الجيل من انحرافاته، من غير أن يعفي ذلك الناقدين والمتقولين والمقللين من الأدوار الأخرى الداعمة والمكمّلة؟

       إنّ حال بعضهم يُذكّرنا بقوله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (ألَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا ۖ قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا ۖ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ.

       فهناك  -للأسف- من ينّصب نفسه وصيّا على الجالية ، ويطلق العنان للسانه بالنقد والذم ، ويرفع الأصوات على قنوات التواصل الاجتماعي  أو في أقبية المنازل والمجالس، ويطرح المطالبات والتمنيات، لكنه يغفل عن دوره ومدى صدقه وحرصه  ، وإنما يكتفي بنقد العاملين  من  غير  أن يضع يده بأيديهم ليكتمل أو يرتفع البناء، ويرفع صوته مع أصواتهم ليتنبّه الغافلون، حتى إذا وُضع (هواة الملاحظات) على المحك وقُدّم لهم مشروع جدي للعمل تراجعوا هاربين من طريق المسؤوليّة ، والمسؤولية هنا تضامنيّة، لاتقع على  عاتق أحد دون أحد (( كلّكم راعٍ  وكلّكم مسؤول))،   نعم تتفاوت  درجات المسؤولية بحسب المواقع والعناوين، لا أنها تسقط عن بعض وتُحمّل للبعض…

       هذه هي حالنا  -للأسف-في الكثير من الأحيان، نريد ان نتراشق التهم التي لا قيمة لها بل تزيد الطين بلّة، كما يقال ،  ونريد ان نقدم النقد والتنظير الذي لا قيمة عمليّة له،  لا نريد ان نقول قولا سديدا، ولا نبحث عن حلول حقيقية،  غاية ما يعمله هؤلاء هو إثارة الضوضاء، ذلك أنّ بعضنا يتقن فن الثرثرة ولا يريد من الكلام أن يشكل اضافة إيجابية أو نوعيّة، لا يهمه ما تحدثه هذه الثرثرات من إفساد وتشويش وتثبيط وإحباط  في أوساط الجالية ، علماً أنّ ما نستوحيه من البيان الإلهي في هذا الصدد : أنّ الثرثرات الكلامية والمطالبات المشاكسة والتمنيات الفارغة لا قيمة لها ، وأن السلوك العملي هو المحك،  حجمك الحقيقي عند الله بحجم عملك الجديّ، بحجم تواجدك في سوح وميادين  المبادرات الخيرية والإجتماعية والثقافية، بحجم عملك الصالح، لا بحجم صيحاتك وتشكيكاتك، ومطالباتك ،  وانتقاداتك الهدّامة… ﴿فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾.

     فما أكثر التمنيات والمطالبات التي تُطلق جزافا، مع أننا نعرف أن هذه الأمور ليست بهذه البساطة، بل تحتاج الى مبادرات ومشاريع عمل جدية، وتتطلّب طاقات بشرية خبيرة متضافرة، وميزانيات ضخمة، والى دعم مالي ومعنوي من قبل الأهالي أنفسهم، و الى جهود وكفاءات وتخصصات شتى، فاذا وُضع المتمنون على محك الجد والعمل تراجعوا وتوالوا الا قليلا منهم.

مرحباً بالنقد الهادف البنّاء:

————————-

       ومع اعترافنا اليوم بوجود نقد بنّاء للمؤسسات الدينية، نعتبره مقوما أساسا من مقومات عملنا وتنمية خبراتنا، ومع تأكيدنا على وجود جمعيات تسعى للقيام بواجبها على أفضل وجه، ولكن في المقابل لم يطرق أيٌّ منها بابَنا كمؤسَّسة دينية لتقديم المساعدة لنا، أو عرض أي برامج تفاعليّة، أو حتى استخدام القاعات أو المنصَّات الدينية للوصول إلى الأهالي والمجتمع!

      هناك غياب شبه تامّ للتفاعل بين هذه الجمعيات ومؤسَّسات الجالية! وهذا أمر مُستغرَب للغاية ،لابدّ من العمل على إيجاد حلّ توافقي أو مناسب له!

   فعلى الجمعيات التي تضطلع بدور توعوي وتنموي، وتحمل رسالة إنسانيّة نبيلة  و شريفة، التواصل مع مؤسَّسات الجالية، وعلى مؤسساتنا الدينية السعي للاستفادة من خبرات تلك الجمعيات بطلب إقامة الورش التثقيفية للأهالي والمرتادين… فلا نريد الاستمرار على قاعدة المثل القائل: “نسمع جعجعةً ولا نرى طحيناً”.

     نقول ذلك طبعاً مع الإشارة إلى وجود جمعيات تقوم بدورها  الإيجابي المشرّف بقدر الإمكانات المحدودة المتوفرة لديها، ومن الواجب الشرعي والأخلاقيّ والانسانيّ دعمها لتتحرَّك بشكل فاعل ومؤثّر بين أبناء الجالية. كما نقوله لا لنوقف حملات النقد غير البنّاء، بل لنتوجه ال والىى أبناء جاليتنا الكرماء مؤسستنا والى كلّ المؤسسات الرديفة والنظيرة الى الإفادة من كلّ نقد يصب في مصلحة الجالية، وأن نمدّ أيدينا للعمل سوية لرفع الحمل الثقيل الذي لا يستطيع كاهل واحد أن يرفعه!

ثانياً، المصحَّات ومراكز العلاج التي تتكلَّم بلغة الجالية:

—————————–

        على الرغم من وجود العديد من المصحَّات البعيدة لمعالجة الإدمان، إلا أننا نحتاج إلى مصحَّات قريبة وإلى مصحات معروفة لأبناء الجالية، تتكلَّم اللغة التي يتكلّمها أبناء الجالية. فالكثير من الأهل قد يذهبون إلى أماكن بعيدة لمعالجة أبنائهم، ويدفعون المبالغ الطائلة، لذلك نؤكّد على ضرورة إنشاء مصحَّات قريبة ومراكز علاج تقدم الخدمات العلاجية والاستشارية مجاناً أو بقيمة رمزية يقوم عليها مختصّون من أبناء هذه الجالية… مع إقرارنا التام بعدم سهولة المسألة وحاجتها الى المبادرات الخيرية. ـ ونحن في( المجمع الإسلامي الثقافي) ندعو أصحاب الضمائر الحيّة من ذوي الاختصاص في الجالية، وذوي   البيضاء الكريمة المعطاء لدعم (مشروع الإنقاذ)  وانتشال  أبنائنا من وباء أخطر من  كورونا نفسه، فقد يزول  كورونا غدا ولا تبقى منه الا الذكريات ، ولكن وباء المخدرات المستشري والملقي بظلّه الثقيل علينا خطير ولا أفق للخلاص منه في القريب المنظور . و من هنا فإننا نفتح الباب واسعا لذوي المبادرات الطيبة واصحاب الإمكانات والتخصصات والكفاءات العلميّة من خلال فتح باب العضوية للانتماء الى المؤسسة، وتوسيع عمل مؤسساتنا الدينية للاهتمام بهذا الجانب المهم ، علّنا نتمكن من توسعة اهتمامنا الى فتح فرع لمؤسسة المجمع خاص بمعالجة تعاطي المخدرات يقوم عليه خبراء  مختصون.

ثالثاً، تعزيز الوازع الديني:

————–

     ربما كان يجدر بنا أن نضع مسألة الوازع الديني في الترتيب الأول لا الثالث، بسبب دوره الحاسم والرادع. فإذا كان موضوع التوعية أمراً مهماً، فإنَّ الوازع الديني أكثر فاعلية في تحصين الأجيال ضدَّ هذه الآفات، وهذا ما أثبتته الدراسات الحديثة، بل ما كشفت عنه التجارب التربويّة في مكافحة الآفات والمعاصي والاقلاع عن العادات السيئة والمسيئة.

    من هنا ينبغي على الأهل الاهتمام بتنشئة أبنائهم على أسس دينية واصطحابهم إلى المؤسسات الدينية لحضور البرامج والمناسبات وتعليمهم لغة القرآن الكريم. فإذا كان نشر الوعي في المدارس يترك أثراً، فإنَّ مفهوم الحلال والحرام يترك أثراً أكبر. والقدوة الأسرية الصالحة أكبر من هذا وذاك، فتعميم التربية الدينية والمعاني الدينية التي تحضُّ على العلاقة الحميمة بين أفراد العائلة ، وتحصن المحضن العائلي من الأزمات النفسيّة والمشاكل الروحيّة، وتبثّ روح الإيمان والتقوى والالتزام بتعاليم الاسلام… كلها عوامل حاسمة للوقاية من آفة المخدّرات وغيرها من الآفات الاجتماعية الخطيرة.

       ولذلك ينبغي علينا إعمار المؤسسات الدينية وبناء المساجد والمدارس والجامعات الإسلامية والحضور فيها، وإذا أردنا لهذه المؤسسات التي هي منّا وإلينا أن تتحرك بشكل أكثر فاعليةً على هذا الصعيد فهي تحتاج إلى إمكانات واسعة لا تتوفَّر لديها حالياً . فلا بدّ لمراكز التوجيه والمعالجة من الإدمان أن تقوم برفد مؤسّساتنا بمتخصّصين يساندوها في مهمتها. وإننا لنطمح أيضا إلى تفاعل أكبر وأوسع من الأهالي لدعم مشاريعنا الخدميّة، ومن هؤلاء المتخصّصين في الجالية التي لها فضلٌ كبيرٌ عليهم، وعلى أصحاب الأموال أيضاً، ولذلك يجدر بهم ردّ هذا الدَّين، أو الجميل بأجمل منه على طريقة مقابلة التحية بأحسن منها أو مثلها!

      ختاماً، فإنَّ أبواب “المجمع الإسلامي الثقافي” مفتوحة لكلّ أهل الخبرة و الكفاءات وأهل الغيرة على مصلحة الجالية، للانضمام إليه وتحقيق الإنجازات. المطلوبة ولقد سعينا مؤخرا  – كخطوة  على الطريق- الى فتح ( مكتب  للخدمات الشرعيّة والأسريّة) يقع على مقربة  من مؤسسة المجمع ، والذي يضع نصب عينيه المساهمة الجادة في حلّ المشاكل الأسريّة، والتعاون مع الأهالي في بناء جيل محصّن ضدّ الأوبئة والانحرافات  الخلقيّة والسلوكيّة.

Contact Us

We're not around right now. But you can send us an email and we'll get back to you, asap.

Not readable? Change text. captcha txt

Start typing and press Enter to search