منطقة الفراغ التشريعي من منظور الشهيد السيد محمد باقر الصدر

يعطي الشهيد الصدر منطقة الفراغ التشريعي دوراً كبيراً في عملية الكشف عن الجزء المتحرك في النظريات الإسلامية، الذي يمدها بالقدرة على الاستمرار والدوام في ظروف مختلفة.

ونوضح بدايةً، قبل الدخول في تفصيلات هذه المسألة، أن مصطلح «منطقة الفراغ» هو مصطلح جديد يختزن الكثير من الأفكار والمعاني، التي تضمنها كلام الفقهاء في السابق والحاضر.

والدور المهم الذي تضطلع به هذه المنطقة، هو أنها تمنح النظرية الإسلامية في مجال التطبيق، وخصوصاً في المجالات الاجتماعية، القدرة على أداء رسالتها ومواصلة حياتها، على الصعيدين النظري والواقعي في مختلف العصور.

إنها أحد آليات الشريعة الإسلامية التي تضمن لها رعاية المتغيرات الزمانية، والظواهر الجديدة الناشئة عنها في ظل حكومة إسلامية وولي الأمر القائم عليها.

هنا، سنسعى إلى بيان الخطوط العامة لهذه الآلية من خلال متابعة ما كتبه الشهيد الصدر حولها في مختلف مؤلفاته وخصوصاً في كتابيه (اقتصادنا) و(الإسلام يقود الحياة).

ولا شك في أنّ هذه الآلية تحتاج إلى مزيد من التوسع في البحث؛ فقد يرد الكثير من الإشكالات والنقد على التصور الذي قدمه الشهيد الصدر لها، والفقهاء والمحققون مدعوون لمواصلة النظر والتدقيق في مضمونها وأدلتها وآفاقها، لما لها من أهمية، وللحاجة الملحة لمعطياتها في ظل انبثاق حكومة إسلامية تسعى لقيادة المجتمع بمضامين إسلامية في ظروف حياتية متقلبة ومتغيرة، تختلف في الكثير من أحوالها عن أحوال عصر التشريع.

ولا شك أيضاً في أن عملية التوسع هذه مهمة تقع في الدرجة الأولى على عاتق العلماء والفقهاء المتبحرين، لما لهؤلاء من باع طويل في أمور الدين وهي مهمة بالتأكيد تحتاج إلى جهد جماعي، وتمحيص مستمر.

وما سنطل هنا عليه هو مجرد إشارات ومتابعة حول الموضوع، بالقدر الذي نحتاج إليه للتقدم في بحثنا، فالتعمق في هذا المبحث يحتاج بحد ذاته إلى عمل منفصل وواسع لسنا بصدده الآن.

لقد ساهم الشهيد الصدر بمعالجة مميزة لمنطقة الفراغ التشريعي، كما أبدى جهداً إبداعياً في إبراز المؤشرات العامة، التي يعمل أولياء الأمر على أساسها وفي ضوئها لملء هذه المنطقة، وليس ثمة دليل لدينا إن كان أحد قد سبق الشهيد في إعطائه تصوراً شاملاً لهذه المؤشرات.

لقد أوضح الشهيد الصدر الدور الكبير الذي يلعبه ملء منطقة الفراغ التشريعي في مد الصورة التشريعية الإسلامية بإطاراتها المتحركة، عانياً بهذه المنطقة «أن الله سبحانه وتعالى ترك في الإسلام منطقة فراغ تشريعي، تتولى مهمة ملئها الدولة أو ولي الأمر، يملؤها وفق مقتضيات الظروف المتطورة والمتبدلة للأمة والإنسان، وفي حدود المبادئ والتصورات العامة للإسلام، وعلى ضوء المؤشرات العامة للشريعة».

إن ولي الأمر يملأ منطقة الفراغ هذه، وفقاً لصلاحياته الشرعية، وتجسيداً لمسؤولياته في قيادة المجتمع. يكتب الشهيد الصدر في هذا الشأن «وفي المجال التشريعي تملأ الدولة منطقة الفراغ التي تركها التشريع الإسلامي للدولة، لكي تملأها في ضوء الظروف المتطورة»(1).

فلا يقتصر تدخل الدولة الإسلامية على مجرد تطبيق الأحكام الثابتة في الشريعة، بل يمتد إلى ملء منطقة الفراغ في التشريع، فهي تحرص من ناحية على تطبيق العناصر الثابتة من التشريع، وتضع من الناحية الأخرى العناصر المتحركة وفقاً للظروف».

ويرى الشهيد الصدر في كتابه (الإسلام يقود الحياة) أن للأمة أيضاً دورها إلى جانب الدولة في ملء منطقة الفراغ التشريعي، فقد اعتبر فيه أن ممارسة السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية هو حق يرجع إسناده إلى الأمة، و«ينبثق عن الأمة في الانتخاب المباشر مجلس وهو مجلس أهل الحل والعقد» تكون إحدى وظائفه (ملء منطقة الفراغ بتشريع قوانين مناسبة)(2). ويعود الصدر فيؤكد في مناسبة أخرى، أن للمرجع؛ وهو النائب العام للإمام، الحق في البت «في دستورية القوانين التي يعينها مجلس أهل الحل والعقد لملء الفراغ».

ويوضح الشهيد الصدر أن وجود منطقة الفراغ هذه لا يدل على نقص في الشريعة، أو إهمال في الشريعة لبعض الوقائع والأحداث «لأن الشريعة لم تترك منطقة الفراغ بالشكل الذي يعني نقصاً أو إهمالاً، وإنما حددت للمنطقة أحكامها بمنح كل حادثة صفتها التشريعية الأصيلة، مع إعطاء ولي الأمر صلاحية منحها صفة تشريعية ثانوية، حسب الظروف»(3).

إن النبي(ص) منح كل حادثة صفتها التشريعية الأصيلة، لكنه حين قام بعملية ملء منطقة الفراغ بالتشريعات والتدبيرات، قام بملئها بنصوص تشريعية لا تمثل ثوابت ولا تمثل عناصر غير قابلة للتغيير؛ لأنه أخذ بعين الاعتبار في استصدارها مراعاة الظروف التي كانت يشهدها المجتمع الإسلامي، وما كانت تتطلبه أهداف الشريعة على عهده (صلى الله عليه وآله).

وحيث إن المصدر الأساس لفكرة منطقة الفراغ هو ممارسات الرسول(ص) والأئمة(ع) وتدبيراتهم، يقف الشهيد الصدر ليؤكد في كتاباته على نقطة مهمة في شخصية الرسول(ص) وعلاقتها بالتشريع الإسلامي، ويلفت نظر الفقهاء إلى مراعاة هذه النقطة، وأخذها بعين الاعتبار حين يرجعون إلى النصوص التشريعية لاستنباط الأحكام منها.

إن الشهيد الصدر يطلب من الفقهاء الالتفات إلى جانب آخر في شخصية الرسول(ص)، يلقي ضوءاً إلى حد كبير على عملية ملء الفراغ التي يجب أن تمارس في كل حين وفقاً للظروف وييسر فهم الأهداف الأساسية التي توخاها النبي (ص). وهذا الجانب هو كون الرسول حاكماً وولي أمر إضافة إلى كونه نبياً ومبلغاً.

ومعنى ذلك؛ أن الأحكام تصدر عن الرسول (ص) تارة بوصفه نبياً ومبلغاً للشريعة الإلهية الثابتة في كل مكان وزمان، وهذه هي الأحكام التي تتصف بالثبات والدوام، اللهم إلاّ إذا عرضت لها بعض العناوين الثانوية التي تبرز مرونة الفقه إلى حد كبير كالضرورة والحرج والإكراه وما إلى ذلك، وهذا مبحث آخر واسع لنا بصدده هنا، وتارة تصدر عنه بما هو ولي أمر للمسلمين وحاكم وقائد للمجتمع الإسلامي، وهذه هي الأحكام التي تتصف بالمرونة والتحرك، والتي يستوحيها من المؤشرات الإسلامية العامة، والروح الاجتماعية والإنسانية للشريعة المقدسة التي أنزلها الوحي.

ويفترض الشهيد الصدر ضرورة توفر دولة إسلامية أو جهاز حاكم يتمتع بنفس ما كان الرسول الأعظم (ص) يتمتع به من صلاحيات بوصفه حاكماً لا بوصفه نبياً، لكي يسمح له الإسلام التشريع في منطقة الفراغ هذه بما يحقق الأهداف الإسلامية وفقاً للظروف المختلفة.

وكما أسلفنا، فإن التمييز بين التشريعات التي تصدر عن الرسول (ص) بوصفه مبلغاً ونبياً، وبين التشريعات التي تصدر عنه بوصفه ولياً وحاكماً، يلقي ضوءاً على طبيعة الصلاحيات التي يحق للحاكم توليها في التشريع لملء منطقة الفراغ. وفهم هذه الصلاحيات يجيز للاجتهاد الإسلامي في ظل حكومة إسلامية أن ينطلق إلى آفاق أرحب يتيح للدولة الإسلامية تعاطياً أكثر مرونة وواقعية مع جزء كبير من شؤون الحياة المتطورة والمتغيرة مع الزمن.

أما إذا أهملنا هذا التمييز، والتعاطي مع شخصية مبلغي الشريعة بهذا الطور الذي يفرق بين ناحيتين فيها، فمعنى ذلك عدم ملاحظة المساحات التي يسمح الدين لتشريعاته بالمرونة فيها بحسب مقتضيات الظروف المتغيرة، ومن ثم فرض العناصر الثابتة في الشريعة، دون التفاعل مع العناصر المتحركة مع ما يفرزه ذلك من جمود وتحجر سلبي تماماً في تعاطينا مع الأحوال المتقلبة والمتغيرة لظروفنا الحياتية.

إنّ عدم التفات الفقهاء إلى هذه النقطة في شخصية الرسول بوصفه حاكماً وولي أمر يقوم على مصالح المسلمين، وعلاقتها بالتشريع قد يؤدي إلى تفسيرهم لبعض النصوص الإسلامية بشكل خاطئ، واستنباطهم منها أحكاماً إسلامية لعصر غير العصر الخاصة به، مع أن مضمون هذه النصوص قد يكون عبارة عن إجراء معيّن محكوم بظروفه ومصالحه، اتّخذه النبي بوصفه ولي الأمر المسؤول عن رعاية مصالح المسلمين في حدود ولايته وصلاحيّته، فلا يعبّر النص عن حكم شرعي عام(4).

والشهيد الصدر يدعو إلى التفحّص في النصوص الإسلامية والقيام بعملية فرز فيها، لئلا تضيع فرصة الاستفادة من نصوص معينة، كنماذج تلقي ضوءاً على طبيعة منطقة الفراغ وصلاحيات الدولة والحاكم التشريعية فيها. فمن دون هذه العملية، ومن دون وضع قواعد لتحديد النصوص التي تثبت بحكم متغير، من النصوص التي تثبت بحكم ثابت يواجه تخبطاً ومزجاً هائلاً بين ما قد يعتبر تدبيراً عن الرسول (ص) بوصفه حاكماً، وبين ما يعتبر حكماً شرعياً عاماً صدر عنه بوصفه نبياً ومبلغاً.

ويقترح السيد الصدر لفرز النصوص التي تعبر عن أحكام شرعية عامة من النصوص التي تعبر عن إجراء معين محكوم بظروفه، اتخذه الرسول (ص) بوصفه ولي الأمر، أن تدرس صيغة كل نص مع ما يناظره من نصوص للتعرف على طبيعته، وعما إذا كان يحمل طبيعة واحدة أصيلة والأخرى ثانوية.

ويضرب الشهيد الصدر مثالاً لما يراه تعاطياً ملتبساً للفقهاء مع بعض النصوص المأثورة.

«فإذا ورد نهي في أحد النصوص عن النبي(ص) كنهيه أهل المدينة عن منع فضل الماء، فهو عندهم إما نهي تحريم أو نهي كراهة، مع أنه قد لا يكون هذا ولا ذاك، بل قد يصدر النهي عن النبي بوصفه رئيساً للدولة فلا يستفاد منه الحكم الشرعي العام. ولو دقّق الفقهاء في هذا النص وقارنوه بنظرائه من النصوص لتراجعوا عن التأويل الخاطئ، وعرفوا أنّ منع الإنسان غيره من فضل ما يملكه من ماء وكلأ، ليس من المحرّمات الأصيلة في الشريعة كمنع الزوجة نفقتها وشرب الخمر، ولاستنتجوا أنّ النهي صدر من النبي بوصفه ولي الأمر».

والذي دفع هؤلاء الفقهاء إلى هذا اللون من التأويل، هو اعتقادهم بأن قضاء الرسول(ص) في هذه الواقعة هو نهي تشريعي، صدر منه باعتباره المبلّغ للشريعة وليس ولي الأمر. إلاّ أن اعتقاد الشهيد الصدر وغيره من الفقهاء المعاصرين، أنّه من الممكن أن تحتفظ لقضاء النبي(ص) بطابع الحتم والوجوب كما يشع به اللفظ، ونفهمه بوصفه حكماً صدر من النبي بما هو ولي الأمر، نظراً إلى الظروف الخاصة التي كان المسلمون يعيشونها في زمانه وليس حكماً شرعياً عاماً كتحريم الخمر أو الميسر.

غير أن هذا اللون من التأويل قد يكون مبرراً عن أصحابه، بأن حكم النبي(ص) في واقعه حتى لو كان إجراءً مشروطاً بظروفه، فهو داخل تحت الأحكام الشرعية الأصيلة، فالإجراءات التي يتخذها الرسول(ص) جميعها يدخل تحت الأحكام الشرعية العامة سوى أن بعضها يدخل تحت العناوين الثانوية عند تزاحم الملاكات والمناطات بين المهم والأهم، وبعضها يدخل تحت العناوين الأولية.

وقضاء النبي(ص) في تلك الواقعة حكم شرعي مشروط بعناصر تلك الظروف تماماً وتكون هذه الظروف شروطاً لتطبيق الحكم الشرعي، فكلما تجددت استوجب أن يطبق..

الدليل على إعطاء ولي الأمر صلاحيات لملء منطقة الفراغ

يجد الشهيد الصدر الدليل على إعطاء ولي الأمر صلاحيات لملء منطقة الفراغ في النص القرآني (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ).

وتقريب الاستدلال بالآية: إن إطاعة النبي وأولي الأمر لا تعني طاعتهما فيما يبلغان من أحكام الله وشرائعه، فإن هذه الطاعة هي طاعة لله وليست طاعة للنبي وأولي الأمر.

وطاعة النبي وأولي الأمر هي الانقياد لهما فيما يتوليان من شؤون الولاية العامة، وفيما يأمران به في الجزء المرن من الأحكام الذي يعود للحاكم أمره، ويقرر فيه حسب مقتضيات الظروف وفي ضوء المؤشرات الإسلامية العامة.

وتكرار كلمة (أطيعوا) فيما بين الله والرسول الأكرم(ص) في الآية، وعدم تكرارها فيما بين الرسول(ص) وأولي الأمر هو الذي يدلّ على أن محور طاعة الله هو نفس اتباع الأحكام العامة الواصلة إلينا بواسطة النبي(ص)، وأن مدار طاعة الرسول(ص) هو نفس اتباع الإجراءات والتدبيرات التي يتخذها في حدود منطقة الفراغ وما يصطلح على تسميته بالأحكام الولائية والحكومية.

ثم إن كلمة أولي الأمر تختص بالمنصبين لإدارة شؤون المسلمين من حكام وولاة، أي أصحاب القرار؛ لأن هكذا أشخاص يطلق عليهم أولي الأمر، أما العالمون بالأحكام، الذين نتلقى منهم الأحكام الإلهية من العلماء فيسمون بأهل الذكر (فاسألوا أهل الذكر) وأمثال ذلك.

إن الآية المذكورة بالنتيجة ظاهرة ظهوراً معتداً به على وجوب طاعة أولي الأمر، لكن يبقى مزيد من النقاش في أن هذا اللفظ (أولي الأمر) شامل لغير المعصوم أم لا؟

نجد الشهيد الصدر يسلم بشموله وكذا الكثير من الفقهاء والباحثين المعاصرين. فإن هؤلاء يقررون أن المعصوم الواجب الطاعة، لو نصّب الفقيه الجامع للشروط للولاية والحاكمية وإدارة شؤون المسلمين، تنصيباً خاصاً أو عاماً، فستكون طاعته واجبة؛ لأن لازم طاعة أولي الأمر هو طاعة من ينصبونهم للولاية.

وبالنتيجة، فإن تولي الفقيه للحكومة الإسلامية عندما يكون بصورة مشروعة، أو من خلال ما يصطلح عليه بالتنصيب العام، يقتضي وجوب طاعته والانقياد له في الإجراءات التي يتخذها في حدود منطقة الفراغ.

حدود منطقة الفراغ التشريعي

يرى الشهيد الصدر أن حدود منطقة الفراغ التي تتسع لها صلاحيات أولي الأمر، تضم في ضوء الآية الكريمة المذكورة آنفاً، كل فعل مباح تشريعياً بطبيعته، فأي نشاط وعمل لم يرد نص تشريعي يدل على حرمته أو وجوبه.. يسمح لولي الأمر بإعطائه صفة ثانوية، بالمنع عنه أو الأمر به. فإذا منع الإمام عن فعل مباح بطبيعته، أصبح حراماً، وإذا أمر به أصبح واجباً.

وأما الأفعال التي ثبت تشريعياً تحريمها بشكل عام، كالربا مثلاً، فليس من حق ولي الأمر، الأمر بها.

كما أن الفعل الذي حكمت الشريعة بوجوبه، كإنفاق الزوج على زوجته، لا يمكن لولي الأمر المنع عنه إلا إذا طرأ عليه عنوان ثانوي، وهذا مجال بحثه مكان آخر؛ لأن طاعة أولي الأمر مفروضة في الحدود التي لا تتعارض مع طاعة الله وأحكامه العامة.

فألوان الأنشطة المباحة بطبيعتها هي التي تشكل منطقة الفراغ(5).

المؤشرات الإسلامية وخطوطها العامة

قلنا إن أولي الأمر يقومون بملء منطقة الفراغ بإعطاء الأفعال المباحة صفة ثانوية، بالمنع عنها أو الأمر بها، وفقاً لصلاحياتهم الشرعية وتجسيداً لمسؤولياتهم في قيادة المجتمع.

بيد أنهم حين يقومون بهذا العمل لا يقومون به جزافاً، بل في ضوء المؤشرات العامة للإسلام، والروح الاجتماعية والإنسانية للشريعة المقدسة.

إن هذه المؤشرات نجدها في العناصر الثابتة المنصوصة في الكتاب الكريم والسنة الشريفة، من هنا تتطلب عملية استنباط العناصر المتحركة والأحكام في منطقة الفراغ التشريعي، وكما يقررها الشهيد الصدر:

أولاً: منهجاً إسلامياً واعياً للعناصر الثابتة وإدراكاً معمقاً لمؤشراتها ودلالاتها العامة.

ثانياً: استيعاباً شاملاً لطبيعة ظروف كل مرحلة وشروطها، ودراسة دقيقة للأهداف التي تحددها المؤشرات العامة، وللأساليب التي تتكفل بتحقيقها(6).

ثالثاً: فهماً فقهياً قانونياً لحدود صلاحيات الحاكم الشرعي، وولي الأمر والحصول على صيغة تشريعية تجد تلك العناصر المتحركة في إطار صلاحيات الحاكم الشرعي، وحدود الولاية الممنوحة له.

أما ماذا بالنسبة لتحديد هذه المؤشرات التي قلنا إننا نستمدها من العناصر الثابتة ونعتمدها، لنحدد في ضوئها العناصر المرنة والمتحركة التي تتطلبها طبيعة كل مرحلة؟.

وما هي الخطوط العامة لهذه المؤشرات؟.

هذا ما يجليه الشهيد الصدر بابتكار حقيقي لصيغته في كتابه (الإسلام يقود الحياة) بعد أن أشار إليه إشارات عابرة في «اقتصادنا» ويبدو أن الشهيد لم يفوت هذا البيان المفصّل لهذه المؤشرات، لرغبته في رد الشبهات التي تؤثر على منطقة الفراغ وتتهمها بأنها بدعة لإعطاء الحاكم الإسلامي مخرجاً أو مبرراً لتدبيراته التي لا تستظل بخيمة إسلامية ولا تستند إلى النصوص الشرعية بل وقد تعاكسها.

ولا يزال الاجتهاد في نطاق مدرسة أهل البيت(ع)، تشغله هموم البحث عن آليات تخول التشريع الإسلامي مواكبة المتغيرات التي تمطرنا بها وقائع الحياة، ولا تزال الأنظار تتجه في كل مرة وتسكن إلى الكثير مما أبداه الشهيد الصدر في هذا المضمار.

ويصوغ لنا الشهيد الصدر الخطوط العامة لخمسة مؤشرات أساسية، نتناولها بالتفصيل فيما يلي:

الأول: اتجاه التشريع

يعني هذا المؤشر أن تتواجد في الشريعة وضمن العناصر الثابتة، أحكام منصوصة في الكتاب والسنة تتجه كلها نحو هدف مشترك على نحو يبدو اهتمام الشارع بتحقيق ذلك الهدف، فيعتبر هذا الهدف بنفسه مؤشراً ثابتاً، وقد يتطلب الحفاظ عليه وضع عناصر متحركة، لكي يضمن بقاء الهدف، أو السير إلى ذروته الممكنة.

وكنموذج توضيحي مؤشر نستمده من العناصر الثابتة التي تتصل بالحياة الاقتصادية، هذه العناصر الثابتة تتمثل في مجموعة من الأحكام الشرعية التي تشكل بمجموعها اتجاهاً تشريعياً، ففي الشريعة مجموعة من الأحكام تتجه كلها إلى استئصال الكسب الذي لا يقوم على أساس العمل، أو رفض الاستثمار الرأسمالي، أي تنمية ملكية المال بالمال وحده.

ويرى الشهيد الصدر أن اتجاه هذه الأحكام يشكل مؤشراً ثابتاً، وأساساً للعناصر المتحركة في اقتصاد المجتمع الإسلامي، وعلى الحاكم الشرعي أن يسير على هذا الاتجاه، ضمن صيغ تشريعية تتسع لها صلاحياته، ولا تصطدم مع عنصر ثابت في التشريع(7).

ويلمح هذا النوع من المؤشرات إلى وجود مقاصد لكل مجموعة من التشريعات الثابتة في الإسلام التي تتصل بموضوع معين ما، والتي يقع على عاتق الفقهاء مهمة تحديدها واستخلاصها لتشكل بالنتيجة مؤشرات ثابتة، وأساساً للإجراءات والتقنينات التي يتخذها الولاة في منطقة الفراغ التشريعي.

الثاني: الهدف المنصوص لحكم ثابت

وهذا المؤشر يعني أن مصادر الإسلام من الكتاب والسنة، إذا شرعت حكماً ونصت على الهدف منه، كان الهدف علامة هادية لملء الجانب المتحرك والمتغير بحسب الظروف، بصيغ تشريعية تضمن تحقيقه، على أن تدخل هذه الصيغ ضمن صلاحيات الحاكم الشرعي، الذي يجتهد ويقدر ما يتطلبه تحقيق ذلك الهدف عملياً من صيغ تشريعية على ضوء ظروف المجتمع وشروطه الاجتماعية.

كنموذج عن هذا القسم من المؤشرات، نص قرآني يصلح لأن يعمل ولي الأمر في ضوئه لاتخاذ إجراءات ملزمة في حدود منطقة الفراغ، في الأمور التي تتصل بالحياة الاقتصادية.

إن هذا النص القرآني، يشرع حكماً وينص على الهدف منه، فيصبح الهدف المنصوص علامة هادية لملء الجانب المتحرك من صورة الاقتصاد الإسلامي بصيغ تشريعية تضمن تحقيقه.

والنص قوله تعالى: (مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ۚ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) الحشر(7).

فالظاهر من النص الشريف كما يعقب السيد الصدر عليه هو «أن التوازن وانتشار المال بصورة تشبع كل الحاجات المشروعة في المجتمع وعدم تركزه في عدد محدود من أفراده، هدف من أهداف التشريع الإسلامي. وهذا الهدف يعتبر مؤشراً ثابتاً يتصل بالعناصر المتحركة. وعلى هذا الأساس يضع ولي الأمر كل الصيغ التشريعية الممكنة التي تحافظ على التوازن الاجتماعي في توزيع المال، وتحول دون تركزه في أيدي أفراد محدودين، وتحارب الدولة الإسلامية التركيز الرأسمالي في الإنتاج، والاحتكار بمختلف أشكاله»(8).

والنموذج الآخر الذي يطرحه الشهيد الصدر هنا يستنتجه من النصوص التي تتناول أحكام الزكاة، فإن بعض هذه النصوص صرحت بأن الزكاة ليست لسد حاجة الفقير الضرورية فحسب، بل لإعطائه المال بالقدر الذي يلحقه بالناس في مستواهم المعيشي، أي لا بد من توفير مستوى من المعيشة للفقير يلحقه بالمستوى العام للمعيشة الذي يتمتع به غير الفقراء في المجتمع، معنى ذلك أن توفير مستوى معيشي موحد أو متقارب لجميع أفراد المجتمع، هدف إسلامي لا بد للحاكم الشرعي من السعي في إطار تدبيراته الولائية في سبيل تحقيقه(9).

الثالث: القيم الاجتماعية الإسلامية

وهذا المؤشر تندرج فيه مفردات كثيرة ومهمة، ويقصد به الشهيد الصدر أن في النصوص الإسلامية في الكتاب والسنة ما يؤكد على قيم معينة وتبنيها كالمساواة، والأخوة، والعدالة، والقسط، ونحو ذلك، وهذه القيم تشكل أساساً لاستيحاء صيغ تشريعية متطورة، ومتحركة، وفقاً للمستجدات والمتغيرات، تكفل تحقيق تلك القيم، وفقاً لصلاحيات الحاكم الشرعي في ملء منطقة الفراغ. قال الله سبحانه وتعالى:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ).

(وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).

(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ).

(وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ).

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).

فهذه الآيات تؤكد على قيم القسط والعدالة والأخوة والمساواة.

الرابع: اتجاه العناصر المتحركة على يد النبي أو الوصي

وهذا المؤشر يعني أن النبي(ص) والأئمة(ع) لهم شخصيتان: الأولى بوصفهم مبلغين للعناصر الثابتة عن الله تعالى، والأخرى بوصفهم حكاماً وقادة للمجتمع الإسلامي، يضعون العناصر المتحركة التي يستوحونها من المؤشرات العامة للإسلام والروح الاجتماعية والإنسانية للشريعة المقدسة.

وممارسة النبي(ص) والأئمة في وضع العناصر المتحركة في مختلف شؤون الحياة ومجالاتها، تعبر عن التطلعات الإسلامية في هذه المجالات، ومن هنا فهي «ذات دلالة ثابتة، على الحاكم الشرعي أن يستفيد منها مؤشراً إسلامياً بقدر ما لا تكون مشدودة إلى طبيعة المرحلة التي رافقتها ويحدد على أساسها العناصر المتحركة»(10).

وكنموذج عن هذا المؤشر «ما جاء في عهد الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى مالك الأشتر واليه على مصر من التأكيد على منع الاحتكار في كل الحالات منعاً باتاً، إذ تحدث الإمام إلى واليه عن التجار ودورهم في الحياة الاقتصادية وأوصاه بهم، ثم عقب ذلك قائلاً: «واعلم –مع ذلك- أن في كثير منهم ضيقاً فاحشاً وشحاً قبيحاً واحتكاراً للمنافع وتحكماً في البياعات وذلك باب مضرة للعامة وعيب على الولاة، فامنع من الاحتكار فإن رسول الله(ص) منع منه وليكن البيع سمحاً بموازين عدل وأسعار لا تجحف بالفريقين المشتري والبائع».

ومن الواضح فقهياً، أن البائع يباح له البيع بأي سعر أحب، ولا تمنع الشريعة منعاً عاماً عن بيع المالك للسلعة بسعر مجحف. فأمر الإمام هنا بتحديد السعر، ومنع التجار عن البيع بثمن أكبر.. صادر منه بوصفه ولي الأمر. فهو إذن استعمال لصلاحياته في ملء منطقة الفراغ، وفقاً لمقتضيات العدالة الاجتماعية التي يتبناها الإسلام»(11).

وهذا المنع الحاسم من الإمام للاحتكار نستطيع أن نستخلص منه اتجاهاً إسلامياً يستفيد منه الحاكم الشرعي كمؤشر، وهو حرص الإسلام على شجب الأرباح التي تقوم على أثمان مصطنعة تخلفها ظروف الاحتكار الرأسمالية، فالربح النظيف هو الربح الذي يحصل عن طريق القيمة التبادلية الواقعية للبضاعة، وهي القيمة التي يدخل في تكوينها منفعة البضاعة ودرجة قدرتها وفقاً للعوامل الطبيعية والموضوعية مع استبعاد دور الندرة المصطنعة التي يخلفها التجار المحتكرون عن طريق التحكم في العرض والطلب(12).

نموذج آخر: ما ثبت عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه وضع الزكاة على أموال غير الأموال التي وضعت عليها الزكاة في الصيغة التشريعية، الثابتة، فإن الصيغة التشريعية الثابتة وضعت الزكاة على تسعة أقسام من الأموال غير أنه ثبت عن الإمام أنه وضع الزكاة في عهده على أموال أخرى أيضاً، كالخيل مثلاً. وهذا عنصر متحرك تمَّ إبرازه على يد الوصي «يكشف عن أن الزكاة كنظرة إسلامية لا تختص بمال دون مال، وأن من حق ولي الأمر أن يطبق هذه النظرية في أي مجال يراه ضرورياً».

المفاهيم الإسلامية

وكما توجد قيم معلنة إسلامية، كذلك نجد في مصادرنا الإسلامية مفاهيم معينة وتفسيرات محددة لظواهر اجتماعية أو اقتصادية. وهذه المفاهيم بدورها تلقي ضوءاً على العناصر المتحركة أيضاً.

ومثال ذلك: كلام الامام علي عليه السلام عن دور التاجر ومبررات الربح التجاري في الحياة الاقتصادية، فإن هذا الكلام يلقي ضوءاً على رأي الإسلام في التداول ومفهومه فيه، فقد تحدّث الإمام علي(ع) كما أسلفنا إلى واليه على مصر مالك الأشتر عن التجار وذوي الصناعات في سياق واحد، وأكد على أنه لا قوام للحياة الاقتصادية إلاّ «بالتجار وذوي الصناعات فيما يجتمعون عليه من مرافقهم ويقيمونه من أسواقهم ويكفونهم من الترفق بأيديهم ما لا يبلغه رفق غيرهم».

وقال في موضعٍ آخر عنهم «فإنهم مواد المنافع، وجلابها من المباعد والمطارح، في برك وبحرك وسهلك وجبلك، وحيث لا يلتئم الناس لمواضعها ولا يجترئون عليها».

وهذا يعني أن الإمام كان يجد في التاجر منتجاً كالصانع ويربط بين شرعية ربحه من الناحية الاقتصادية وما يقوم به من جهد في توفير السلعة وجلبها والحفاظ عليها. وهو مفهوم عن عمل التاجر في التجارة يختلف كل الاختلاف عن المفهوم الرأسمالي له، فالإسلام يرى أن التجارة أو التداول بالسلعة المنتجة –بطبيعته الأصلية- يشكل شعبة من الإنتاج، فالتاجر حين يبيع منتجات غيره يساهم بذلك في الإنتاج؛ لأن الإنتاج دائماً هو إنتاج منفعة وليس إنتاج مادة؛ لأن المادة لا تخلق من جديد، والتاجر بجلبه للسلعة المنتجة وإعدادها في متناول أيدي المستهلكين يحقق منفعة جديدة، بل لا منفعة للسلعة بالنسبة إلى المستهلكين بدون ذلك الإعداد.

وكل اتجاه في التداول يبعده عن واقعه الأصيل هذا، ويجعله عملية طفيلية مقصودة للإثراء فحسب، ومؤدية إلى تطويل المسافة بين السلعة والمستهلك، فهو اتجاه شاذ يختلف عن الوظيفة الطبيعية للتداول.

وهذا المفهوم الإسلامي للتداول المنقول عن ممارسة الإمام (ع) في وضع العناصر المتحركة، يصح أن يكون أساساً ومؤشراً يلقي ضوءاً على العناصر المتحركة التي أعطي لولي الأمر الحق في البت فيها. فإن لولي الأمر المنع –في حدود الصلاحيات المعطاة له في منطقة الفراغ- عن كل محاولة من شأنها الابتعاد بالتداول عن الإنتاج، وجعله عملية لإطالة الطريق بين المستهلك والسلعة المنتجة، بدلاً من أن يكون عملية إعداد للسلعة وإيصال لها إلى يد المستهلك(13).

الخامس: الأهداف التي حددت لولي الأمر:

«وهذا المؤشر يعني أن الشريعة وضعت في نصوصها العامة وعناصرها الثابتة أهدافاً لولي الأمر وكلفته بتحقيقها أو السعي من أجل الاقتراب نحوها بقدر الإمكان، وهذه الأهداف تشكل أساساً لصياغة العناصر المتحركة..» ووضع التدبيرات اللازمة في مختلف المجالات، «بالصورة التي تحقق الأهداف أو تجعل المسيرة الاجتماعية متجهة بأقصى قدر ممكن من السرعة نحو تحقيقها».

«ومثال ذلك ما جاء في الحديث عن الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) أن على الوالي في حالة عدم كفاية الزكاة أن يموّن الفقراء من عنده بقدر سعتهم حتى يستغنوا.

وكلمة (من عنده) تدل على المسؤولية في هذا المجال متجهة نحو ولي الأمر بكل إمكاناته، لا نحو الزكاة خاصة من عوائد بيت المال.

فهناك إذن هدف ثابت يجب على ولي الأمر تحقيقه أو السعي في هذا السبيل بما أوتي من إمكانات، وهو توفير حد أدنى يحقق الغنى في مستوى المعيشة لكل أفراد المجتمع الإسلامي، وهذا مؤشر يشكل جزءاً من القاعدة الثابتة التي يقوم عليها البناء العلوي للعناصر المتحركة من الاقتصاد الإسلامي فيما إذا لم تفِ العناصر الثابتة بتحقيق الهدف المذكور.

الهوامش:

[1]- اقتصادنا، ص680.

2- محمد باقر الصدر: الإسلام يقود الحياة، الكتاب الأول، لمحة فقهية تمهيدية عن مشروع دستور الجمهورية الإسلامية، دار التعارف للمطبوعات، بيروت 1990، مج12، ص19.

3- الصدر، اقتصادنا، ص648.

4- الصدر، اقتصادنا، ص391.

5- اقتصادنا، ص684.

6- راجع: محمد باقر الصدر، الإسلام يقود الحياة، الكتاب الثاني، صورة عن اقتصاد المجتمع الإسلامي، مصدر سابق، مج12، ص44.

7- راجع: محمد باقر الصدر، الإسلام يقود الحياة، الكتاب الثاني، صورة عن اقتصاد المجتمع الإسلامي، مصدر سابق، مج12، ص47.

8- راجع: محمد باقر الصدر، الإسلام يقود الحياة، الكتاب الثاني، صورة عن اقتصاد المجتمع الإسلامي، مصدر سابق، مج12، ص48.

9- راجع: محمد باقر الصدر، الإسلام يقود الحياة، الكتاب الثاني، صورة عن اقتصاد المجتمع الإسلامي، مصدر سابق، مج12، ص48.

10- راجع: محمد باقر الصدر، الإسلام يقود الحياة، الكتاب الثاني، صورة عن اقتصاد المجتمع الإسلامي، مصدر سابق، مج12، ص49.

11- اقتصادنا، ص687.

12- محمد باقر الصدر، الإسلام يقود الحياة، الكتاب الثاني، مصدر سابق، ص50.

13- اقتصادنا، ص386.

 

Contact Us

We're not around right now. But you can send us an email and we'll get back to you, asap.

Not readable? Change text. captcha txt

Start typing and press Enter to search