وصف الكتاب

فقه النظرية مصطلح تداوله الباحثون في العصر الحديث في كتاباتهم، غير أن محاول التنظير الفقهي ترتد إلى العصر الإسلامي الأول، عندما اهتم الفقهاء بصياغة قواعد كلية تنطبق على مصاديق متعددة، وتندرج تحتها مجموعة مسائل شرعية تشترك في أركانها وشروطها وأحكامها، وقد استلهم الفقهاء تلك القواعد من القرآن والسنة الشريفة.
هذا وإن فقه النظريات يشرع الأبواب واسعة على المصادر الإسلامية من كتاب وسنة للنهل من معينها نظريات إسلامية شاملة، تتيح الإجابة في ضوء الإسلام عن الكثير من أشكالات النهوض الحضارية للأمة الإسلامية في العصر الراهن. وقد تبلورت بدايات التنظير الفقهي في القواعد الفقهية، وإن كان المفهوم الحديث للنظرية يتجاوز الحدود الضيقة للقاعدة، ليشمل الإطار العام للتفسير، الذي يبرز انسجام وتماثل الأحكام والمسائل الشرعية، وينفي ما قد يتراءى من تناشز بينها، وحسب رأي الشهيد الصدر تطمح النظرية إلى اكتشاف النسيج الراقد وراء المدلولات التفصيلية، ومحاولة الوصول إلى مُرَكَّب نظري يحتل في إطاره كل واحد من تلك المدلولات التفصيلية موقعه المناسب.
ويبدو أن أهم المكاسب العلمية، التي تجلى فيها بوضوح تكامل الفقه الإسلامي في هذا العصر، هي مساهمة جماعة من فقهاء الشريعة والقانون بتدوين مؤلفات رائدة في فقه النظرية، والارتقاء بالممارسة الفقهية إلى آفاق رحبة لم تتوغل فيها هذه الممارسة من قبل.
وفي هذا الإطار ألف الفقيه المفكر الشهيد محمد باقر الصدر كتاب (اقتصادنا) سنة 1960، والذي اكتشف فيه الملامح العامة للمذهب الاقتصادي في الإسلام. وبعد عشر سنوات صاغ المعالم الأساسية لسياسة الإسلام المصرفية وأسس عمل البنوك في كتاب (البنك اللاربوي في الإسلام). وواكب هذا الاتجاه في فقه النظرية في آخر عمل دوّنه قبيل استشهاده، وتناول فيه أصول النظرية في آخر عمل دوّنه قبيل استشهاده، وتناول فيه أصول النظرية السياسية ومرتكزات القانون الدستوري في الإسلام، والذي صدر في سلسلة كتيبات تحت عنوان (الإسلام يقود الحياة) وحرص الشهيد الصدر على بيان أصول فقه النظرية فيم دخل الجزء الثاني لكتاب (اقتصادنا)، وباشر بنفسه تطبيق هذه الأصول في اكتشاف نظريات الإسلام الاقتصادية، في (توزيع ما قبل الإنتاج، وتوزيع ما بعد الإنتاج، ونظرية الإنتاج). وظل وفياً إلى آخر حياته لهذا الاتجاه في البحث الفقهي، وكرر الدعوة إلى تبينه والتأكيد على أهميته في عدة مناسبات، حتى الأيام الأخيرة من حياته، عندما شدد على ضرورة أن يتوغل الاتجاه النظري الموضوعي في عملية الاستنباط وأهمية الوصول إلى النظريات الأساسية في الفقه، لأن (كل مجموعة من التشريعات في كل باب من أبواب الحياة ترتبط بنظريات أساسية) وكتاب (فقه النظرية عند الشهيد الصدر) الذي نقلب صفحاته، والذي تقدمه مجلة قضايا إسلامية معاصرة للقراء في سلسلة كتابها، يمثل محاولة أولية للإلمام بمبادئ فقه النظرية والمنهج الذي تَرسّمه الشهيد الصدر، والضوابط والمعايير التي اعتمدها في بناء هذا اللون من الفقه. والكتاب هذا هو أحدث دراسة في فقه النظرية عند الإمام الصدر. وأصله رسالة تقدم بها الطالب باقر بري لنيل درجة ماجيستير شريعة إسلامية من جامعة الإمام الصادق في طهران، وأجيزت بتقدير ممتاز.

كتاب فقه النظرية عند الشهيد الصدر pdf

Contact Us

We're not around right now. But you can send us an email and we'll get back to you, asap.

Not readable? Change text. captcha txt

Start typing and press Enter to search